/ صفحه 243/
الصفة الثالثة التوكل على الله:
والصفة الثالثة: التوكل على الله وحده، والتوكل أعلى مقامات التوحيد، وإن من مقتضيات الإيمان بأن الله هو المدبر للأمور، التوكل عليه في كل ما يحتاج إليه المؤمن فيما وراء مقدوره، وليس من متناول التوكل ترك الأسباب، وتنكب سنن الله في الخلق; فمن يترك الطعام والشراب باسم التوكل على الله في حفظ حياته، فهو جاهل بالله، ومن يترك العمل للحصول على الرزق وما به قوت أولاده باسم التوكل على الله، فهو جاهل بالله، ومن يترك إعداد العدة للدفاع عن الأوطان وإعلاء كلمة الله باسم التوكل وباسم أن الله يدافع عن الذين آمنوا، فهو جاهل بالله.

الصفة الرابعة إقامة الصلاة:
والصفة الرابعة: إقامة الصلاة، وإقامتها عبارة عن أدائها مقوّمة الأركان، ظاهرة من قيام وركوع وسجود وذكر، وباطنة من خشوع ومراقبة وتدبر. وهذه هي الصلاة التي جعل الله ثمرتها طهارة المؤمن من الفحشاء والمنكر، وتبديل غرائز الخير بغرائز الشر ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر))، ((إن الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر جزوعاً، وإذا مسه الخير منوعاً، إلا المصلين، الذين هم على صلاتهم دائمون)).

الصفة الخامسة الإنفاق مما رزق الله:
والصفة الخامسة: الإنفاق مما رزق الله، فقد قضت حكمة الله ابتلاء لخلقه ـ أن يجعل فيهم الفقير والغني، وأن يربط الفقير بالغني برباط أخوة الدين والانسانية، وأن يكلف الغني بمقتضى ذلك الرباط أن يسد حاجة الفقير، حقاً له في ماله، وواجباً دينياً في ذمته ((والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)).
وبذلك يكمل التعاون، وتطهر القلوب، وتصفو النفوس من الأحقاد التي يولدها الجشع، وينميها الشح، والآية بعمومها تطلب الإنفاق من كل ما رزق الله وهو يشتمل كما فصل القهاء: النقدين، والزروع، والمواشي، والبضائع التجارية.