/ صفحه 241/
وجل المؤمنين عام في كل الأحوال:
ومن هنا قد يتبين أن هذا الوجل ليس خاصاً بتذكر العقاب، بل هو عام في سائر الأحوال، أما الاطمئنان الذي جاء في القرآن أنه أثر من اثار ذكر الله في قوله تعالى: ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) فإنه اطمئنان اليقين، وكمال المعرفة.
الوجل والاطمئنان:
ولا منافاة بين الوجل وبين الاطمئنان، حتى يقال أن آيتنا محمولة على حاتلة تذكر العقاب، وآية الاطمئنان محمولة على حالة تذكر الثواب، فاطمئنان القلب ووجله لازمان من لوازم الإيمان وكمال المعرفة بالله وعظمته، وهما متحققان عند كل مؤمن إذا ذكر الله، ولو كان ملكا مقربا، أو نبياً مرسلا.
وقد جمع الله بين الوجل والاطمئنان في قوله: ((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)).
الصفة الثانية زيادة الإيمان:
والصفة الثانية زيادة الإيمان عند تلاوة الآيات، وللإيمان إطلاقان: يطلق ويراد منه التصديق فقط، كما في قوله تعالى: ((وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه)) ويطلق ويراد منه جميع عناصر الدين من تصديق وإقرار وعمل، وذلك كما في قوله تعالى: ((أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقا؟)) وزيادة الإيمان بالمعنى الثاني مما لا سبيل إلى إنكاره; لأن من أجزائه العمل، ولا ريب أنه يزيد وينقص وبزيادته يزيد الإيمان، وبتقصه ينقص الإيمان، كالرجل يكمل خلقه، فيقال كامل الخلق، وكالرجل يفقد بعض أعضائه فيقال ناقص الخلق، أو مشوه الخلق.