/ صفحه 240/
ونراه في سورة الحجرات:
((إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)).

هدف أوصاف المؤمنين المفرقة في القرآن:
وهكذا نجد القرآن الكريم حينما يذكر أوصاف المؤمنين يقتصر مرة ويطيل أخرى على حسب المقام الذي سيقت لأجله الأوصاف، والذي يستوعب الآيات يجدها تدور حول تحديد المؤمن الذي يريده الله، بمن يجمع بين سلامة العقيدة، وسلامة الخلق، وصلاح العمل، وبمن يكون في ذلك كله مثالا صادقاً، وصورة صحيحة لأوامر الله وإرشاداته، وعلى هذه السنة جاء بعد قوله تعالى في الآية السابقة من سورة الأنفال: ((إن كنتم مؤمنين)) قوله تعالى على سبيل الاستئناف بقصد البيان لمعنى المؤمنين الذين من شأنهم تقوى الله وإصلاح ذات البين، وإطاعة الله ورسوله قوله تعالى: ((إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم)).

خمس صفات في آية الأنفال:
وتلك خمس صفات: وَجَلُ القلوب عند ذكر الله، وزيادة الإيمان عند تلاوة آياته، والتوكل على الله وحده، وإقامة الصلاة، والإنقاق مما رزق الله.ثم بين أنهم بهذه الأوصاف يكونون من أهل الإيمان الحق، واستأنف مبيناً جزاءهم بقوله: ((لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم)).

الصفة الأولى وجل القلوب:
الصفة الأولى تدل على أن من خصائص المؤمنين عند ذكر الله الوجل والخوف، والخوف على قمسين: خوف العقاب، وخوف العظمة والجلال. وخوف الجلال والعظمة لا يفارق قلب المؤمن، لأنه يرى بإيمانه أن الله غني وما سواه محتاج، قوي، وما سواه عاجز، عالم مطلع على خفيات النفوس، وما سواه جاهل لا يحيط بشىء من علمه، فإذا استحضر الإنسان فقره وحاجته، وضعفه وعجزه، وجهله أمام عظمة الغني القوي المحيط بكل شىء امتلأت نفسه وقليه بوجل الهيمةوالجلال، والعظمة والجمال، سواء تذكر عصياناً يخشى عقابه، أم تذكر طاعة يرجو ثوابها.