/ صفحه 236/
إصالح ذات البين:
أما إصلح ذات البين فمعناه إصالح الأحوال التي بينكم، وإصلاحها هو السير بها على مقتضى ماأمر الله، وعدم التمسك فيها بالشهوات والأغراض وهو إنما يكون بالوفاق. والتعاون، والمواسات، وترك الأثرة.
وقد أمر الله بإصلاح ذات البين في مواضع كثيرة: أمر به في الأسرة بين الزوجين، وفرض له الطريق السليم بقولة تعالى في سورة النساء: ((وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيراً)) وأمر به في الأمة بين الطائفتين والحزبين بقوله: ((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فإت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين*إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)).
وقد وعد الله القائمين بإصالح ذات البين بالأجر العظيم والنعيم القيم ((لا خير في كثير من نجواهم إلا أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما)).

حكم الدين في الساكتين عن إصلاح ذات البين:
وإذا كان التنازع بين المتنازعين إثماً يغضب الله ويفسد أحوال الأمم، فإن سكوت الناس عن إصلاح ذات بينهما مع القدرة عليه أشد إثماً وأعظم ذنباً ورضا بالآثار السيئة التي تنزل بهما أو بالأمة من جراء ذلك التنازع، ومن ذلك قيل: ((الساكت عن الحق شيطان أخرس)).

الموقدون لنار العداوة بين الناس:
هذا شأن الساكتين عن إصلاح ذات البين، فما بال من يوقدون نار العداوة والبغضاء بين الناس، ويؤججون نار الفرقة بما يجمعون من حطب الفتنة ليوقظوها وهي نائمة، ويشعلوا لهبها وهي راكدة؟!.