/ صفحه 235/
أساليب القرآن في الأمر بالتقوى:
وقد كثر في القرآن الكريم أمر الناس بتقوى الله، وجاء ذلك على أساليب مختلفة وتنبيهات متعددة; يذكِّر حيناً بنعمة الخلق، وحيناً بنعمة الرزق، وحيناً بهول الساعة ويوم الجزاء ((يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)).
((يأيها الناس اتقوا ربكم أن زلزلة الساعة شىء عظيم*يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد)).
((يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور)).
((واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون. أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون)).
إلى غير ذلك.
وقد كان الأمر بالتقوى شأناً عاماً على ألسنة جميع الرسل. كما أن موجبات تقوى الله والخوف منه عامة في جميع الأمم. وبذلك التقت الرسل أولهم مع آخرهم على هذه الكلمة: ((أفلا تتقون؟)). ((فاتقوا الله وأطيعون)).
ولكون التقوى بهذه المثابة من العموم صح الإتيان بها في التحذير عن كل مخالفة. ومن أقوى المخالفات أثراً في بعد الأمم عن الخير هو الاختلاف والتنازع وبخاصة إذا كان الاختلاف يدور حول شأن مادي وحكم دنيوي كالذي حصل في شأن الأنفال وقسمتها.