/ صفحه 231/
هذا وقد جاء في السورة نفسها تفصيل حكم الله في الغنائم: ((واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن الله خسمه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير)).
وهذا هو ما ذهب إليه جماعة من المفسرين، وعليه يكون السؤال سؤال استعلام لحكم الأنفال وقسمتها، وتكون الأنفال هي الغنائم نفسها، لا خصوص ما كان يشترطه الإمام لمن يقوم في القتال بعمل نافع مفيد.
وقد رأى فريق آخر أن السؤال سؤال استعطاء، وأن كلمة ((عن)) زائدة، وأن الأنفال هي ما يشترطه الإمام لمن يعمل عملا بارزاً في الحرب، كقوله تحريضا على القتال: ((من قتل فلاناً أو تسلق الحصن أو أغار على كذا فله كذا)) وقد كان النبي قد فعل ذلك، فقام بكثير منه الشبان الأقوياء، فقال الشيوخ حينما تم النصر، ورأوا أن الشبان سيأخذون كثيرا من الغنيمة بطريق التنفيل: المغنم قليل، والناس كثير، وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم حرمت أصحابك، والمعنى: فأعطنا من هذه الأنفال، فحاء الجواب: ((الأنفال لله والرسول)) أي تعطى بمقتضى الشرط، فاتقوا الله ولا تتمنوا حق غيركم، أو تلتمسوا أن ينقض الرسول عهده، وأصلحوا ذات بينكم، ونفذوا أوامر الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.
والجواب وارد في موضعه يلتقي مع حالة السائلين، وعلى هذا يكون السؤال ـ كما قلنا ـ سؤال استعطاء لا سؤال استفهام، وتكون الأنفال ((ما ينفّله الإمام)) لا الغنائم، وتكون آية الغنائم الآتية بعد غير متصلة بهذه الآية، وموضوعها الباقي بعد التنفيل، ولا اعتراض لنا على هذا الوجه سوى الحكم بزيادة كلمة ((عن)) والاعتماد في الحكم بزيادتها على قراءة: ((يسألونك الأنفال)) اعتماد على شاذ لا تنهض به حجة.