/ صفحه 23/
وحجة الجمهور في هذا أو لا أنه لم يرد نص صريح بمنع الإجارة، وإنما النص كان في منع المزارعة، وجاء الترخيص بجوازها، ولم تكن الإجازة في حاجة إلى الترخيص لثبوتها بحكم الإباحة الأصلية ولقد صرح النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بجواز كراء الأرض في الوقت الذي كان يمنع (صلى الله عليه وآله وسلم) المزارعة، فقد سئل رافع بن خديج عن كراء الأرض، فقال: ((نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها، فسألته عن كراه الأرض بالذهب والورق، فقال: ((لا بأس بكرائها بالذهب والورق)).
ولقد اجتهد ابن حزم في تضعيف الأحاديث التي جاءت في إباحة الإجارة، ولكنها في جملتها ليست ضعيفة، وخصوصاً أنه لا يوجد نص صريح مانع.
نظرة في طرق الاستغلال بالإجارة والمزارعة:
35 ـ ونظرة فاحصة إلى أقوال الفقهاء في الإجارة والمزارعة ترينا أن بعض الفقهاء وعلى رأسهم شيخ فقهاء العراق وإمام فقه القياس أبوحنيفة يرى أن المزارعة عقد فاسد، وأنه لا يحل بمقتضاه أن يقتسما الزرع، ويعتمد في ذلك على القياس الفقهي وعلى نصوص قد وردت، وإن كانت الروايات المختلفة تقول إنها قد نسخت، وإن نسخها معلل بالمصلحة، لأن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، ما أباح المزارعة إلا عندما رأى الأرضين قد عطلت، ولو أننا أردنا أن نطلق لفكرنا العنان لقلنا. إن الأصل هو أن تمنح الأرض بغير أجرة ولو بشطر من الزرع أو يزرعها صاحبها، ولكن الترخيص كان لخشية كان لخشية البوار إذا أحضرت الأنفس الشح.