/ صفحه 21/
وبهذا ينعقد رأى الجمهور على أن أحاديث المنع كما روى في البخاري ومسلم والبيهقي ومجموع الإمام زيد قد نسخت، وكان الجواز بعد المنع، وأن الأرض التي ثبت فيها الجواز هي أرض خيبر، وعندي أن نص علىّ بالترخيص هو الدلالة على ترخيص النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، أما دفع أرض خيبر، بالنصف، فإنه لا يدل وحده، إذ يجوز أن يكون هذا خاصاً بالأراضي الموقوفة على مصالح المسلمين، وهذا النوع من الأراضي لا يمكن أن يتولى ولى الأمر زراعته وفرض قدر من النقود يتعرض فيه العامل لخطر ضياع جهوده، وإلزامه بالأجرة، وذلك في حال ما إذا كانت آفة أو جائحة لم تبق من الثمر شيئاً.
وإن النسخ ثابت، ولذلك قال الإمام جعفر الصادق (رضي الله عنه): ((آل أبوبكر، وآل عمر، وآل علي يدفعون أرضهم بالثلث والربع)).
وإذا كانت أكثر الأراضي الإسلامية مفتوحة عنوة فإن أكثرها كان يستغل بطريق المزارعة، على اعتبار أن الأرض موقوفة في مصالح المسلمين، ووّلى الأمر يدفعها لمن يصلحها ويقوم على زراعتها على أن يكون الناتج مقاسمة وكان أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) حريصاً على ألا يجهد الزراع، وألا يكلفهم ما لا تطيق أرضهم، ويروى أنه جاء إليه عاملاه على خراج العراق بمال كثير، فخشى أن يكونا قد حملا ما لا تطيق، فقال لهما: لعلكما حملتما الأرض ما لا تطيق، فقال
ــــــــــ
(1) المجموع ج 3 ص 350 مع روض النضير، والقبالة كالكفالة تقبل الأرض على أن يكون للعامل الثلث أو الربع أو نحوهما، ومعنى الصرام القطع، ومعنى اخرص التقدير التقريبي من غير وزن أو كيل:
أحدهما: ((حملت الأرض أمراً هي له مطيقة، ولو شئت لأضعفت)) وقد كتب علي بن أبي طالب لوالى خراجه ((انظر إذا قد مت عليهم، فلا تبيعن لهم كسوة شتاء ولا صيف، ولا رزقا ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحداً منهم سوطا في درهم، ولا تبع لأحد منهم عرضا من الخراج فإنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو.