/ صفحه 20/
والقسم الثالث المزارعة:
33 ـ والمزارعة هي دفع الأرض لمن يزرعها على أن يكون له بعض الخارج منها، وللمالك الباقي، أو هي عقد على الزرع ببعض الخارج منه.
وهذا النوع من العقود قد خالف فيه بعض الفقهاء، فقد قال أبوحنيفة إن المزارعة عقد فاسد، وحجته في ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((إذا كانت لأحدكم أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه)) وقد روى مثل هذا الحديث البخاري ومسلم والبيهقي وإن اختلفت الطرق والعبارات إختلافاً لا يغير المعنى، ولأبى حنيفة حجة أخرى من القياس، وهو أن الإجارة ببعض ما ينتج من العمل منهى عنه لأن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قفيز الطحان، وهو أن يطحن ويأخذ أجرته مما يطحن، والمزارعة كذلك فهي عمل من مستأجر الأرض، وأجرته هي بعض الناتج مما يعمل، وإن لذلك معنى اقتصاديا، وهو أن الأرض ربما لا تنتج، والزرع والضرع بيدالله، وهو عرضة للآفات والجوائح، فإذا لم تنتج الأرض يذهب عمل العامل هباء، وهو أجير في الأرض على هذا الاعتبار; وخصوصاً إذا كان البذر من جانبه.
وقد قرر الجمهور من الفقهاء أن المزارعة جائزة، وأن أحاديث النهي قد نسخت، وقد جاء في كتاب المجموع المروي عن الإمام زيد(رضي الله عنه): ((حدثني زيد عن أبيه عن جده عن عليّ(عليهم السلام) أن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن قبالة الأرض بالثلث أو الربع، وقال: إذا كان لأحدكم أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فيتعطل كثير من الأراضي، فسألوا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يرخص لهم ذلك، فرخص لهم، ودفع خيبر إلى أهلها على أن يقوموا على نخلها يسقونه ويلقحونه ويحفظونه بالنصف، فكان إذا أينع وآن صرامه بعث عبدالله بن رواحه(رضي الله عنه)، فخرص عليهم، ورد إليهم بحصتهم من النصف(1))).