/ صفحه 207/
3 ـ هناك تناقض عجيب في أقوال النقاد في الراوي الواحد; فبعضهم يوثقه وبعضهم يضعفه، روي الترمذي في سننه ((جـ 2 ص 16)) عن أحمد بن حنبل قال: إسماعيل بن عباس أصلح حديثاً من بقية، وقال أبو إسحق الفزاري: خذوا عن بقية ما حدث عن الثقات، ولا تأخذوا عن إسماعيل بن عباس ما حدث عن الثقات ولا عن غير الثقات.
وقال أحمد بن حنبل ((نفس المصدر)): لا أبالبي بحديث شهر بن حوشب. قال الترمذي: وسألت محمد بن إسماعيل ((يعني البخاري)) عن شهر بن حوشب فوثقه. بل يقع النتاقض في أقوال الناقد نفسه، فمرة يوثق الراوي ومرة يضعفه. وهذا إما أن يكون من خطأ الرواة في نقلهم لحكم الناقد. وإما أن يكون رأي الناقد نفسه قد اختلف فيه، ولم ينتقل لنا الرواة الرأي الذي استقر عليه الناقد.. قال الترمذي ((جـ 1 ص 314)) كان محمد بن إسماعيل ((البخاري)) حين رأيته حسن الرأي في محمد بن حميد الرازي ((من شيوخ الترمذي)) ثم ضعفه بعد.
4 ـ إذا انفرد أحد النقاد بتضعيف راو ووثقه آخرون لم يؤخذ برأيه ولو كان علما في هذا الفن، روي الترمذي ((جـ 2 ص 109)) قال: معاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان. وروي عن البخاري ((جـ 1 ص 295)) قال: سليمان بن موسى منكر الحديث، أنا لا أروي عنه شيئا، روي أحاديث منكرة عامتها. ثم يقول الترمذي عقب ذلك. سليمان ابن موسى ثقة أهل الحديث لا نعلم أن أحداً ذكره بسوء. فكأنه لم يقيد بنقد أستاذه البخاري.
5 ـ هذا الاختلاف في أقوال النقاد أساسه اختلافهم في قواعد الجرح والتعديل; فبعضهم يرفض حديث المبتدع مطلقا كالخارجي والمعتزلي، وبعضهم يقبل رواياته في الأحاديث التي لا تتصل ببدعته، وبعضهم يقول: إن كان داعياً لها لا تقبل روايته، وإن كان غير داع قبلت، وبعض المحدثين يشتد فلا يروي حديث