/ صفحه 205/
8 ـ المقارنة في المتن تسىء الظن بالراوي المختلف فيه إذا شذت روايته عن غيرها.
9 ـ المقارنة في المتن تعين على كشف الحالة التي تحدث فيها الراوي إذا كان قد اختلط في فترة ما من حياته، فشذوذ روايته دليل على أنه تحدث بها بعد اختلاطه، وسلامتها من ذلك على العكس.
10 ـ المقارنة في المتن تكشف عن غرض المؤلف في روايته للحديث أكثر من مرة; فالبخاري لا يعيد حديثاً رواه إلا وينطوي على فائدة جديدة. وقد رأيت لأحمد أحاديث متكررة لم يظهر من تكرارها أي فائدة.. ويبدو لي أن عبدالله ابنه أراد أن يجعل أساسا لترتيب مسند والده، فهو يميل إلى ترتيبه على أساس شيوخ والده; يروي أحاديث عن عفان، ثم يذكر أحاديث أخرى رواها والده عن وكيع، ثم يروي أحاديث أخرى عن يزيد بن هارون... وهكذا. وقد يسهو أحياناً فيعيد حديثاً لشيخ من شيوخ والده سبق أن رواه ضمن قائمة أحاديث هذا الشيخ... ومن هذا ينشأ التكرار غير المفيد. ولا أظن أن ذلك وقع لعبدالله إلا على سبيل السهو.
11 ـ المقارنة في المتن توضح مسائل لأحكام العامة التي كانت تشغل أذهان الناس في الوقت الذي صنفت فيه هذه الكتب; يظهر ذلك من الأحاديث التي اشتركوا فيها جميعا أو جلهم.
12 ـ المقارنة في المتن تكشف عن بعض الظواهر الاجتماعية التي كانت موجودة في العصر الذي جمعت فيه هذه الأحاديث، فكثرة روايات حديث ((لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم)) تدل على أن هذه الظاهرة كانت موجودة، لاسيما وقد بلغ الترف في هذا العصر أقصاه، وكثرت الجواري الفارسيات والروميات وتحللت أخلاق بعض المسلمين نتيجة الاختلاط بين الفرس والعرب; يتمثل ذلك في قول الشاعر:
رأين الغواني الشيب لاح بعارضي * * * فأعرضن عني بالخدود النواضر