/ صفحه 195/
من (البوص) لا إلى هذه الأقلام الرشيقة الرقيقة، ثم تحتاج بعد ذلك في عصر الورق اللامع الرقيق إلى طرْس من صخر لترقد فيه!.
ثم متى كانت القافية التي تناديها شافعة لصلابتها وفظاظتها؟!
ولسْت مع أولئك الذين يعيبون كل كلمة قاموسية غفل الاستعمال الحديث عنها، فإني رأيت من الكتاب من يستعمل ألفاظاً مهجورة من أعذب الألفاظ ولا بأس علينا بعد أن نجهد جهدنا في إحياء ألفاظ موائمة سائغة أن نخلق ألفاظاً جديدة، شريطة ألا تشذ عن قوانين اللغة وأصولها، كما لا أرى بأساً أن نستعمل ألفاظاً أعجمية حين لا نجد ألفاظاً عربية تسد مسدها، ولكن على شرط أن نقتصد في هذا الاتجاه حتى لا نخلق لغة جديدة بجواز لغتنا العربية.
والذين يريدون أن يحجروا على الكتاب والشعراء أن يستعملوا من الألفاظ مالا يجري على الألسنة اليوم إنما يأبون أن يفرقوا بين الصحافة ولغة الأدب، فهم يتمسكون بنظرية لا تثبت للنّقد، تلك هي القول بأن المعنى هو كل شىء، واللفظ إنما هو إطار خارجي يلجأ إليه الأديب لمجرّد توضيح المعنى، وهذه النظرية تنكر قيما كثيرة، كان الأدب ـ ولا يزال ـ يسمو ويعتزّ بها.
ولكن الدعوة إلى تجديد الألفاظ لم تقف عند هذا الحد بل تعدّنه إلى الاستهانة باللفاظ والترحيب بالكلمة التي تؤدي المعنى، ولو خالفت قواعد اللغة، ولو استعملت في معنى غير معناها الذي عرفه العرب، دون ش.ن تستند على تجوز أو كناية، وقد دافع صاحب كتاب (الغربال) ميخائيل نعمية عن هذا الاتجاه دفاعاً حاراً، من مثل قوله في مقال عنوانه (نقيق الضفادع): ((أذكر أنني قرأت انتقاداً من كاتب مصري لقصيدة جبران خليل جبران (المواكب)، وقد عثر فيها الناقد على هذا البيت:
هل تحممت بعطر * * * وتنشفت بنور