/ صفحه 193/
ويشبه بعض المحدثين اللفظة بالمرأة متى كثر عشاقها لم تبق تلك العقيلة المصونة.
وليست الدعوة إلى طرح الألفاظ المبتذلة بنت عصرنا هذا، وإنما هي ـ أيضاً ـ قديمة، ولذلك دارت المعركة حول الكلمات القاموسية وإحيائها، أو الاقتصار على ألفاظ تساير المدنية الحديثة، وتوافق ذوق الجيل الحاضر، فكتب غير واحد

ــــــــــ
(1) عن كتاب ثورة الأدب للدكتور هيكل ص 46. (2) من حديث الاربعاء ج 2 ص 13

من المحافظين يرد على هذه النزعة التي تدعوا إلى وأد الألفاظ الغربية على الاستعمال بإبقائها مستريحة ناعمة البال في بطون المعاجم، وخلاصة آراء هؤلاء المحافظين أن أمر الألفاظ أجل وأخطر من أن يحكم فيه الذوق وحده، فذوق الجيل الحاضر قاصر في اللغة والأدب، ويخشى أن يقتصر هذا الذوق على ما ألف من الكلمات، فيعد كل كلمة غير مستعملة نابية عن الذوق ثقيلة على السمع، والاستعمال قد يؤدي إلى الإلف، كما نرى في استعمال بعض الكلمات الأجنبية الثقيلة، فليس لنا ـ كما يقول الدكتور عبد الوهاب عزام ـ أن ننفر من الألفاظ الشديدة، ونتجنبها، بل ينبغي أن نؤثر الألفاظ القوية لمعانيها، والألفاظ الخفيفة لمعانيها، دون إنصات إلى حكم الأذواق، وعلى الأديب أن يعمل على إحياء الألفاظ الطبيعية الشديدة كلما نزعت بالأمة رخاوة الحضارة إلى نسيانها، والاستعمال جدير بتذليل كل صعب، واستئناس كل وحشي.
ويضرب الدكتور عزام مثلاً بقول مسلم بن الوليد يصف الصحراء:
ومجهل كاطراد السيف محتجز * * * عن الأدلاء مسجور الصياخيد
تمشي الرياح به حسري مدلهة * * * حيري تلوذ بأكناف الجلاميد