/ صفحه 192/
الجاحظ بالثلب والذم، ولكم على الرغم من كل ما قيل فيه قديماً لا يزال في كل عصر من يرون قيمة الأدب، في كثرة الألفاظ القاموسية، التي يصعب معناها ويغمض إيماؤها.
وقد بدأ ـ في عصر النهضة ـ قاسم أمين الكاتب الاجتماعي، فتحدث في هذه المسألة حيث قال: ((لتصوير إحساس كامل، وتمثيل أثره في صورة مطابقة للواقع يلزم استعمال ألفاظ غير العتيقة البالية، يلزم اختراع ألفاظ جديدة(2))).
ويشرح الأستاذ أحمد أمين المقصود من تجديد الألفاظ فيرى أنه على
ــــــــــ
(1) هي جماعة أدبية أنشئت في المهاجر الأمريكية سنة 1933م.
(2) عن كتاب ثورة الأدب للدكتور هيكل ص 46. (2) من حديث الاربعاء ج 2 ص 13
ضربين:
1 ـ اختيار ألفاظ تناسب العصر، ويرضاها ذوق الجيل الحاضر.
2 ـ خلق ألفاظ جديدة خلقاً.
وقد قال: إن ذوق الأمم متجدد، وإن بعض ما كان يستحسن فيما سبق ربما لا يستحسن الآن وضرب لذلك مثلاً بكلمات هبيّيخ، وكنهْور، وبعاق، وذكر أن بعض المتأدبين حاول إحياء كلمات غريبة لكنهم لم يفلحوا، وأن كلمات كثيرة من ألفاظ لغتنا أصبحت أثريّة.
ثم قال عن الضرب الثاني: إن الألفاظ يجب أن تساير المدنية الحديثة بكل ما اخترعت من أدوات وصناعات، واللغة العربية قاصرة كل القصور في هذا الباب مما أثر على الأدب العربي وأدى إلى ضعفه.
ويشترك الدكتور طه حسين مع قاسم أمين في استبعاد الألفاظ المبتذلة، والدعوة إلى اصطناع ألفاظ اللغة العربية الفصحى في دقة واحتياط متى كانت جارية على الألسنة، مستساغة في الأذواق، ولا بأس ـ عنده ـ أن يستعير الكتاب في قصد وحسن اختيار من اللغات الحديثة الأوربية معاني وأساليب وألفاظاً، شريطة ألا يفسد ذلك جمال اللغة العربية وروعتها(1).