/ صفحه 183/
وعندئذ أيضاً لا يكون بديلاً عنه في فاعليته وانفعال الناس به، لا يكون القانون والتشريع، ولا يكون الفلسفه، ولا يكون التوجيه الإنساني في صورة مَّا ذلك البديل في أثره وطواعية المؤمنين به. وهنا تكون الأزمة في ((العِوَض)) بجانب تلك الأزمة الأخرى التي صاحبها تقلص فاعلية الدين وانفعال الناس به، لسبب تعرض قيمه للتجريح، وعرض مبادئه أمام الرأي العام في سخرية واستخفاف.
وهنا يفقد المجتمع مصدراً للتوجيه والتأثير، في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يجد عوضاً له، مهما أجهد نفسه في التفتيش عن هذا العِوَض. لأنه لا يوجد عوض عن الدين إلا دين آخر في صورة ما. لأنه لا يوجد عوض عن العقيدة إلا عقيدة أخى، لأنه لا يوجد عوض عن الإيمان إلا إيمان آخر. ومعنى ذلك: العوض عن الدين يجب أن تكون له خصائص الدين من القدسية والارتفاع عن مستوى النقد. يجب أن تكون له منزلة الدين والعقيدة والإيمان في وجوب الطاعة له وامتلاء النفس والقلب بقيمه.
فإذا أريد الآن أن نعرف رأي الإسلام في المخدرات فها كم الرأي فيها، وهو حرمة تعاطيها مشددة وواضحة لا لبس فيها. ولكن لكي يتبع هذا الرأي باسم الإسلام يجب أن تصان قداسة الإسلام فيما تعرض له الصحافة من مبادئه. يجب أن لا يكون هناك توجيه آخر في البيت، أو في المدرسة، أو في الإذاعة، أو على المسرح، أو في أفلام السينما ـ يقلل من الطاعة لمبادىء الإسلام، أو يخفف من وزنها في نفوس الأطفال والشبان والشيوخ على السواء.
لا يكفي أن يطلب رأي الإسلام في الخدرات فإذا ذكر الرأي فلا يطاع لأن هيبة مبادئه وأحكامه في النفوس وعليها قد ضعفت أو زالت، بفعل التعقب المستمر في مصادر التوجيه العديدة ـ من الصحافة إلى الكتاب ـ إلى القصة والرواية ـ إلى التمثيل والعرض ـ لمبادىء الإسلام وتتبعها وأخذها بمآخذ من ينتسبون إلى الإسلام في أقوالهم وتصرفاتهم. وإنما إذا طلبق رأي الإسلام في توجيه المجتمع ليكف عن آفة وعلة فيه، أو ليوحد كلمته ويجمع صفوفه، لتحقيق هدف من أهدافه العليا، أو للقاء عدو مشترك، أو إذا طلب رأي الإسلام ليعاون الغني الفقير فيه، أو لغير ذلك من الغيات التي تتطلبها سيادة المجتمع وسيادة أفراده على عوامل الضعف أي ضعف ـ إذا طلب رأي الإسلام في هذا أو ذاك فالواجب قبل أن يطلب رأيه أن تصان قيمه وتعلو مبادئه على الابتذال والسخرية والاستخفاف.