/ صفحه 184/
إن أزمات المجتمع لا يحلها قول ضعيف، مهما بلغ قوله من السلامة. والدين إن لم تصن حرماته، وإن لم تتوفر لتعاليمه القداسة، فهو ذلك الضعيف الذي سلم رأيه من الهوى والانحراف.
إن أزمات المجتمع لا تحلها ندوات يناقش فيها الرأي والتوجيه. وإنما يحلها الإيمان بالمثل والقيم. إن الإيمان في الإنسان قوة خالقة في السلم، وقوة ضاربة مُفَزَّعة في الحرب. في السلم يخلق الإيمان قوة الإرادة، وقوة السعي والعمل، وقوة الإنتاج، وقوة التعاون والتكتل وفي الحرب ليس هناك سلاح أمضى على العدو، ولا أشد إرهاباً له من الإيمان. فإذا كان الإيمان هو الإيمان بالمثل والقيم كان سلاحه أكثر مضاء وإرهابا. وإن كان الإيمان هو الإيمان بالله تحول سلاحه لا إلى المضاء والإرهاب، وإنما إلى الفتك والإفتاء. لأن الذين يؤمنون بالله يستعذبون الموت في سبيل الله، لأنهم إذا ماتوا عندئذ صاروا أقرب إلى الخلود، والخلود غاية يتمناها الإنسان من طبيعته، التي تحب الحياة إلى الأبد. ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون*فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاَّ خوف عليهم ولا هم يحزنون)). صدق الله العظيم.