/ صفحه 18/
أحدهما ـ حق المالك للأرض في ألا يدخل أحد أرضه إلا بإذنه.
والثاني ـ حقّ الشركة العامة في الكلأ وإذا تعارض الحقان قدم أقواهما، وأقواهما ما يترتب على تركه ضرر أشد، فإن من المقررات الشرعية أنه لا ضرر ولا ضرار، وكل من يتمسك بماله مع ترتب ضرر لغيره على تمسكه يعد غير مستعمل حقاً، أو بلغة القانونين في العصر الحاضر يعد مسيئاً لاستعمال حقه.

31 ـ وطرق الانتفاع بالأراضى أربعة:
أولها ـ الانتفاع بالكلأ المباح في الأراضى غير المملوكة، والأراضى المملوكة، وكذلك غرس الأشجار في الأراضى التي لا يملكها أحد، فإن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) حث على ذلك في الحديث السابق، فقد اعتبر غرس الأشجار التي ينتفع منها الإنسان أو الحيوان بأي نوع من أنواع الانتفاع صدقة، وهو بذلك يحث على إنشاء الغابات، لأن توالى الغرس الذي يعتبر بذاته صدقة من نتيجته تكوين الغابات، ولو أنا معشر المسلمين استجبنا لذلك النداء النبوي الكريم لكانت لصحاري القريبة من الأنهر أو العيون حدائق غناء، أو غابات تدر على الدولة الدر الوفير، ولكانت مواردنا من الأخشاب تفيض عن حاجاتنا وهذا الفيض كون تصديره ثروة تسد حاجات أخرى.

وقد يقول قائل: لمن تكون ملكيتها، فنقول إنها إذا قام بها بعض الآحاد، لتكون غابة فإنها تكون ملكا خاصاً له، هي والأرض التي أقيمت عليها، ويكون ذلك إحياء لموات الأرض، ويجرى فيه ما قلناه من إحياء الموات. من أنه يكون بإذن الإمام على أرجح الأقوال.
وإذا كان العمل جزئياً بأن غرس غرساً فردياً فإنها تكون للعامة إلا إذا رعاها وقام على سقيها وتنميتها فإنها تكون له، ويكون له على الأرض حقّ بقائها واستقرارها، فإذا أحييت الأرض لا يكون لمالك الأرض حق نزعها، لأن حق الغارس سبق حق المحيي، فيده لا تستمد من يد من أحيا الأرض.