/ صفحه 170/
ياليتني فيها جذع*أخب فيها وأضع.. ولو لا أن قومه خالفوا عن أمره لتغير وجه التاريخ.
قال ـ الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. أفتراك تظن أنه سبحانه وتعالى كان مغيرا نتيجة حنين والطائف لو أطاع قوم دريد دريدا؟.
إنه لعجب أمر دريد هذا في التاريخ القديم.. فهو يكاد يكون أبدا غير مطاع وقومه أبداً مخالفين عن أمره، معاقبين بأنهم خالفوا عنه.
أمرتهمو أمري بمنعرج اللوى*فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد.
فلقد أراد أن ينجو بما غنم هو وقومه.. ولكن أخاه عبد الله أبي إلا أن ينزلوا في الطريق فيشربوا الخمر ويأكلوا وتعزف عليهم القيان.. فيصيح دريد معبراً عن الحزم وصواب الرأي: ياقوم ظنوا عدوكم في أثركم.. في الفارس المسرد فهم لم يغفلوا عن أموالهم التي انتهبناها.. ولكن نداء الشهوات أغلب، فيسمعون إلى عبد الله الداعي إلى اللهو اللعب.. وفيما هم آخذون فيما هم فيه.. إذا الخيل خيل عدوهم.. وإذا عبد الله ((مضاف)) تنوشه الرماح من يمين ومن شمال، فيدعو أخاه دريداً فيجىء اليه بعد فوات الفرصة فعبد الله قتيل على أن دريداً لم يقصر بل واسى أخاه بنفسه، بأن تعلم أن المرء غير مخلد بأنه حافظ من اليوم أعقاب الأحاديث في غد.
هذا الموقف النبيل الذي وقفه دريد في إحدى غزواته الجاهلية يأبي الرواة إلا أن يقف نظيره في غزوة الطائف، والنتيجة واحدة في كلا الموقفين، ففي الأولى ضاعوا وفي الثانية كانوا أكثر ضيعة ولقد أراد الله أن يعز الإسلام والمسلمين...
إذا تأملت وجه دريد في الموطنين رأيته الرئيس العظيم المؤثر على نفسه غير المبقى عليها، وإن أبقت عليها الأيام فعلى غير تفريط منه.
يقول لقاتله حين ضربه فلم تؤثر ضربته: بئسما سلحتك أمك، خذ سيفي من مؤخر سرجي واضرب فوق الكتف ودون عظم الدماغ.. يرشده إرشاد خبير إلى محل الضربة القاضية فلم يعد به إلى الحياة حاجة.. ثم يعقب: فإذا فرغت مني فأخبر أمك أنك قتلت دريد بن الصمة.. يتابع الرواة القصة فيقولون: