/ صفحه 16/
الاقتصاد الاسلامى
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبوزهرة
أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 5 ـ
الزراعـة
29 ـ كانت الزراعة في الماضي مصدر ثروة لمن يفلح الأرض، وكانت أعظم الموارد الطبيعية للإنسان منذ الخليقة، فإن منها غذاء الإنسان والحيوان، وإذا كان الحيوان يتخذ غذاء للإنسان، فإنه يستمد غذاءه من النبات، وإنه في كثير من الأحيان تخلط الثروة الحيوانية بالثروة النباتية، لأن الذي يبذر البذر ويرجو الثمار من الرب، يكون بجوار زرعه حيوان يحرث الأرض، ويتغذى من كلئها، ويكمل غذاء الزارع، ولذلك كان الزرع يذكر دائماً مع الضرع، لأنهما كانا في الماضي مقترنين لا ينفصلان، وإذا كان العصر الحديث قد أخذ بالانتفاع بالأرض من غير طريق الحيوان، بل بطريق الآلات، فإنه لا يزال الحيوان يعيش بجوار المراعى، ويتغذى منها، ومنتجات الحيوان قائمة بجواز المزارع، والأغراس، وإن الكثيرين ليعتبر هما نتاجاً واحدا، فكأن الأرض إذا استغلت على الوجه الأكمل أنتجت ثلاثة أنواع من الإنتاج، غرس طيب يؤتى أكله كل حين بأذن ربه، وغلات للزرع تخرج من حقول الأرض، وحيوان يدر الدر الوفير، ويؤكل لحمه، ويتخذ من أصوافه وأوباره كساء وغطاء وزينة.
وقد اعتبر الإسلام الزراعة أبرك أنواع الرزق وأطيبه، وقرر أن زرع الأرض والعمل على تنمية إنتاجها من الصدقات، ولذلك قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): ((ما من مسلم يزرع زرعاً، أو يغرس غرساً فيأكل منه إنسان أو دابة إلا كتب له به صدقة)).