/ صفحه 129/
الأسئلة الواردة عن العمليات مع قتلتها ليست من المؤمنين: أما السؤال عن الساعة، وعن الجبال، وعن الروح، وعن ذى القرنين، فيظهر أنها صادرة من المخالفين اللذين لم يؤمنوا، وقد ورد أن اليهود أو عزوا إلى المشركين أن يسألوا الرسول عن ثلاث: عن الروح، وذى القرنين، والساعة. وقالوا: إن أجاب عن جميعها فليس بنبي، وإن لم يجب عن واحدة منها فليس بنبي. فسألوا عن الساعة ففوض علمها إلى الله كما عندهم، وسألوا عن الروح ففوض علمها إليه سبحانه كما عندهم، وأجاب عن ذى القرنين كما هو عندهم. وفي رواية ذكر أهل الكهف في هذا الشأن وقد أجاب عنها وحقق أمرها. واختلافهم فيهم.
مختارنا في المراد بالروح المسئول عنها في سورة الإسراء:
ونحن نرى أن الروح المسئول عنها في سورة الإسراء ليست الروح التي بها حياة الإنسان، وإنما المراد به القرآن نفسه، فإن الله سماه روحاً ((وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا)) ((يُنَزِّلُ المَلائِكَة بالروح من أمره على من يشاء من عباده))، فالقرآن حياة الأرواح والعقول. ولاريب أن القرآن أحدث رجَّةً عظيمة في نفوسهم، وزعزعة في عقائدهم، وأقض عليهم مضَاجعهم وهو كلام من جنس الكلام، فما هو، وما شأنه؟ كان بذلك جديراً أن يسألوا عنه وهم أرباب البلاغة وأساطين البيان; ويرشد إلى أن اللائق بالروح في هذا الموضوع هو القرآن أن الحديث قبل السؤال وبعده كان عن القرآن ((وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا)) ((ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك)) ((قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفُوراً)) فإذا كان الله أطلق على القرآن كلمة الروح، وكانت الآية الواردة