/ صفحه 127/
الحكمة في وجود العاطف في البعض دون البعض:
أما وجود العاطف في بعضها فهو يدل على اتصال السؤال بما قبله، وعدمه فيما لم يوجد فيه يدل على استئنافه وانقطاعه عما قبله وأنه فائدة جديدة، فالسؤال عن الأهلة، والسؤال عن الإنفاق، والسؤال عن الشهرالحرام، والسؤال عن الخمر، أسئلة عن أشياء لم يكن بينها اتصال وإنما بينها تباين وتقاطع لا يحسن معهما العطف.
أما السؤال عن الإنفاق الوارد بعد السؤال عن الخمر والسؤال عن اليتامى، والسؤال عن المحيض فهي أسئلة تجتمع حول شأن واحد وهو ((النفقة، ومعاملة اليتيم، ومؤاكلة الحائض، وشرب الخمر)) أي أحوال تجتمع في خاصة الإنسان ومعاملة لمن يتصل به.
أما القول بأن الواو تدل على أن الأسئلة المتعاطفة وقعت في وقت واحد ولا كذلك الأسئلة التي تجردت منها فيعوزه الدليل على اتحاد وقت السؤال.
وقد اقتضى المقام العطف في ((ويستفتونك)) وفي ((ويسألونك عن ذى القرنين)) وفي ((ويسألونك عن الجبال)) لا في ((يستفتونك قل الله يفتيكم))، ((يسألونك عن الساعة)) وذلك كما يظهر بالرجوع إلى المقام الذي وردت فيه.
أما التصريح بالمسئول عنه تارة في السؤال، والاكتفاء بمعرفته من الجواب أو المقام تارة أخرى، فلا نستطيع أن نجزم بغير ما يقوله كثير من المفسرين من أنه تفنن في العبارة وهو لون من ألوان الأداء امتازت به اللغة العربية، والقرآن أعظم مظهر لأسرار تلك اللغة فاحتوى على كل ما هو معهود في اللغة من أساليب الأداء المختلفة. وهذا لا يمنعنا من النظر في استطلاع اعتبارات خاصة يوحى بها المقام، أو مكانة المسئول عنه في الأهمية، أو ظهوره ظهورا لا يحتاج معه إلى التصريح به.