/ صفحه 124/
سادساً: أن المسئول عنه جاء بارقة مصرحاً به في السؤال وذلك في مثل: ((عن الشهر الحرام قتال فيه)) ((عن المحيض))، ((عن اليتامى))، عن الخمر))، ((عن الأنفال))، ((عن الساعة أيان مرساها))، ((عن الجبال))، وعن الأهلة، ((عن ذى القرنين)) وهو الكثير الغالب، وجاء تارة غير مصرح به في السؤال ولكن الجواب أو المقام يرشد إليه; فمما يرشد إليه الجواب ((يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة))، ((يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت)) ومما يرشد إليه المقام ((ويسألونك عن الروح)).
سابعاً: أن أكثرها جاء في الأحكام والمسائل الفرعية: الإنفاق منفقا ومصرفاً. القتال في الأشهر الحرام. حل الخمر. معاملة اليتامى. قربان النساء في الحيض ما يختص بشئون الزوجات. التوريث. المطعومات.
وجاء فيها ما يتعلق بالإله سبحانه قرباً وبعداً، وما يتعلق بفائدة بعض المظاهر الكونية كالسؤال عن الأهلَّة.
وجاء فيها ما يتعلق باليوم الآخر وقوعاً كالسؤال عن الجبال، وزماناً كالسؤال عن الساعة،
وجاء فيها ما يتعلق ببعض الشخصيات التاريخية كالسؤال عن ذى القرنين، وجاء فيها ما يتعلق ببعض الحقائق الإلهية كالسؤال عن الروح.
الفرق بين السؤال والاستفتاء:
هذه سبع ملاحظات عامة، ويجدر بنا أن نذكر كلمة عن كل واحدة منها قضاء لحق البحث وتنويراً للباحثين في فهم القرآن والوقوف على أسرار أسلوبه، واعتباراته البلاغية; أما عن الفرق بين السؤال والاستفتاء، فنرى أن الاستفتاء هو طلب معرفة ما أشكل أمره واشتد خفاؤه لا فرق في ذلك بين أن يكون من الأحكام أو من الحقائق الكونية. ولذلك تراه جاء بالنسبة للأحكام كما في آية النساء وفي غيرها كما في قوله تعالى: ((ولا تستفت فيهم منهم أحداً)) ((فاستفتهم أهم أشد خلقاً؟)) ((فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون؟)) ((أفتنا في سبع بقرات)) ((قالت يأيها الملأ أفتونى في أمرى)). وبهذه الشواهد الكثيرة يتبين أن من قيد الإفتاء بالأحكام لا حق له.