/ صفحه 100/
أما تأكيدى أن أمر هذا الشاعر انتهى إلى الايمان العميق فالدليل عليه النظر في ثبت كتبه، حيث نجد أن أكثرها في تمجيد الله وتعظيمه، وفي الحكم والمواعظ، وتلك الروع التي يحسها من يقرأ آثاره تلك الروح المؤمنة العميقة الايمان، ولا أشك أيضا في أنه أضيف إليه من حساده بعض ما يؤاخذ عليه ((ولعله كان في زمان مثل زماننا)) أعنى كل من أنكر المنكر فيه يرمونه بسوء الاعتقاد ليغروا به الملوك)) ـ كما يقول بعض من نشروا اللزوميات، وعلق عليه ـ وهذا يؤيد مما نقله ياقوت.
هذا عن اعتقاده، ولكن الذي يعنينا هنا هو ما أضيف إليه من أنه عارض القرآن، وإنما قدمنا هذا لنقول أن لا يبعد أن يكون عارض، ولا يبعد أن يكون اتهم بذلك حسدا، والمرجح في ذلك في النظر في الرواية، ورواية معارضته القرآن تتضمن أمرين، الأول أنه عارض، والثاني أنه عارض بكتاب الفصول والغايات، وأخْذُ هذه الرواية جملة يدلنا على أنها مكذوبة فإذا نفينا أن يكون كتابه المشار إليه قد قصد منه المعارضة انتفى أن يكون عارض.

وأول ذلك أن المعرى ذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه ألفه ((في الزهد والعظات، وتمجيدالله سبحانه وتعالى ((وبعيد جدُّ بعيد أن يكون الغرض من الكتاب كله شاهد صدق على هذه النَية عندَ أبي العلاء، ومن هذه الفقرات ((عَلِم ربنا ما علم، أنى ألفت الكلم، آمل رضاه المسِّلم، وأتّقى سخطه المؤلم فهب لي ما أبلغ رضاك من الكلم والمعاني الغِراب(1))).