/ صفحه 101/
وقد نقل عن ابن سنان الخفاجى أن قوما يقولون بالصرقة، وأن رأيهم حمل جماعة من الأدباء على أن ينظموا على أسلوب القرآن، وأظهر ذلك قوم وأخفاه آخرون، ثم قال ياقوت: ومما ظهر منه قول أبي العلاء، فياقوت هو الذي أذاع هذه الفرية، وقد بدا لى من مطالعة ما كتبه هذا المؤلف أنه متحامل على أبي العلاء، ويكفى أنه صاحب هذه العبارة: (قال المؤلف: كان المعرى، حمارا، لا يفقه شيئا). وهذه عبارة لا يقولها إلا أشد المتحاملين، والمتعصبين على الرجل.
على أن الشك في أن كتاب الفصول والغايات في معارضة القرآن ـ هذا الشك قديم، فقد جاء في دلائل الاعجاز لعبد القاهر الجرجاني قوله: ((وقد خيل لبعضهم ـ إن كانت الحكاية صحيحة ـ شيء من هذا، حتى وضع ـ على مازعموا ـ فصول الكلم، أواخرها كأواخر الآى، مثل يعلمون ويؤمنون وأشباه ذلك)) وهو يشير إلى أنه ليس الوصف الذي تحدى العرب به أن يأتوا بكلام يجعلون له مقاطع وفواصل كالذى تراه في القرآن.
فنلاحظ أن أباالعلاء شك في صحة هذه الفرية على الفصول والغايات، حتى قال (إن كانت الحكاية صحيحة) وعبر عن هذا الخبر الذي وصله بالزعم.
ومصطفى صادق الرافعي ردّ القول بأن أبا العلاء عارض القرآن بدليلين:
الأوّل: أن الرجل ـ يعنى المعرى ـ أبصر بنفسه، وبطبقة الكلام الذي يعارضه، وما نراه إلا أعرف النّاس باضطراب أسلوبه، وإلتواء مذهبه، وأن البلاغة لا تكون مراغمة للغة، وإغتصابا لألفاظها، وتوطينا لغرائبها كما يصنع)).
الثاني: ((على أن المصرى(رحمه الله)، قد أثبت إعجاز القرآن فيما أنكر من رسالته

ــــــــــ
(1) ص 62. ط زنانّى.

علي ابن الراوندي.