/صفحة 88/
ابن عبد الملك أن يطاف به في مدينة دمشق، فيا لله يتم الانتقام على يد خليفة أموي يطلب التنكيل والتشهير بخليفة أموي هو ابن عمه، هذا هو الجزاء الوفاق.
ان التمثيل بزيد بعد صلبه ما كان ليتخيله الوهم من قوم يتلون كتاب الله المنزل على جده صلى الله عليه وسلم، على أن صلب زيد ليس لهوان به عند الله أو عند خلقه، ولكنه طغيان الأمويين وشدة موجدتهم على الحسينيين، لذا كان هذا الصلب مضرب الأمثال في التأسي به لمن صلب بعده من العظماء المعدودين، فهذه مرثية أبي الحسن الأنباري المشهورة التي بكى فيها الوزير المصلوب محمد بن بقية خفية، وألقاها في الطرق لمن يتناولها خيفة من عضد الدولة الذي أمر بصلبه، وما حفز الأنباري عليها الا وفاؤه للمعروف ـ والوفاء قليل ـ ولما قرأها عضد الدولة تمنى أن يكون المصلوب ليحوز المجد والفخار مما تضمنته هذه المرثية، وجد في طلب الشاعر حتى تيسر له لقاؤه بعد بذله الأمان لقائلها لاعجابه البالغ بها، اذ يقول فيها:
ركبت مطية من قبل زيد علاها في السنين الماضيات
وتلك قضية فيها تأس تباعد عنك تعيير العداة
وأما رأسه الشريف فقد طيف به حتى ورد مصر، ودفن في المشهد المنسوب الآن إلى أبيه على زين العابدين.
وهذا لا خلاف فيه بين المؤرخين، إنّما الخلاف بينهم كيف حضر الرأس وورى في المقبرة؟ فرواية: أن الرأس جيء به إلى مصر زيادة في التشهير به بانفاذ هشام بن عبد الملك، ولذلك نصب على منبر الجامع، الا أن المصريين سرعان ما سرقوه وخبئوه في ذلك المكان المشهور، ورواية أخرى: أن حضور الرأس لم يرد به ذلك، وانما قدم به بعض الأمراء تكريماً له وحباً في أن يكون مقره الأخير مصر التي تهفو قلوبها لآل البيت، حكى ابن خلكان والمقريزي نقلا عن الكندي وحكايتاهما متقاربتان. قال ابن خلكان: "و ذكر أبو عمرو الكندي في كتاب "أمراء مصر" أن أبا الحكم بن أبي الأبيض القيسي قدم إلى مصر برأس زيد