/صفحة 87/
بالبكاء، وحلف بالله ان كانت خرجت من فمي أو خطى إلى أحد، وان كنت نظتها الا في ليلتي هذه، ثم أنشدني:
ملكنا فكان العفو منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسارى وطالما غدونا على الأسرى نعف ونصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا و كل اناء بالذي فيه ينضح
ولا يطفىء حرقة الأسى على الحسين ما قام به المختار بن أبي عبيد الثقفي من الثأر له، اذ تتبع قتلة الحسين ومن ظاهرهم حيث ثقتهم، حتى استأصل شأفتهم، لأنهم على كثرتهم لا يوزنون بأبي عبد الله الحسين.
2 ـ زيد بن علي زين العابدين حفيد الحسين، شب وترعرع في منبت الفضيلة والخلق الكريم، وما زال يزيد على السن خيرا، إلى أن بلغ أشده، فحسده هشام ابن عبد الملك وضاق به ذرعا، ولم يجد منفسا عنه الا استقدامه إليه في الشام بجواره، ليطامن من رفعته ويضعف من سلطانه الروحي على الناس، فما لبث عنده بالشام سنة حتى اجتوى الاقامة به ور غب في العودة إلى المدينة المنورة، وبينما هو سائر اليها اعترضه في الطريق أهل الكوفة، وأ لحوا عليه ليقيم بين ظهرانيهم، فالتفوا حوله مذعنين لمشورته حريصين على طاعته، إلى أن استراب منه عمال هشام في العراق، وتحرش به واليها يومئذ: يوسف بن عمر الثقفي، وتنقصه ظلماً وعدوانا.
لم ير زيد بدا من أن يعلن طلب الخلافة والانتقاض على هشام بعد مبايعة أهل الكوفة له في السر والعلن اعتقاداً منه أن يظهر على الأمويين الجائرين، فقامت الحرب بين الفريقين على ساقهان واستعرت نارها، الا أنها تمخضت عن مصرع زيد ومن معه، واحتزوا رأسه كما صنعوا بجده الحسين، أما جسده فصلبوه بكناسة الكوفة. واستمر جثمانه مصلوباً إلى أن ولي الخلافة الأموية الوليد بن يزيد، فما كان من هذا الفاسق الممعن في الاجرام الا أن يأمر بانزاله واحراقه، وكيف ذاك وان ربك لبالمرصاد؟ فقد قتل هذا الطاغية، وفصل رأسه من جسده، ووضع على رمح ونصب على درج مسجد دمشق، وطلب الخليفة بعده: يزيد بن الوليد