/صفحة 85/
فلما قام بالخلافة الوراثية بعده يزيد ترادفت المكاتبات من أنحاء البلاد الإسلامية وخاصة من العراق على الحسين رضى الله عنه يطلبون فيها المبايعة بالخلافة له، لأن الحسن رضوان الله عليه صاحب الشأن الأول فيها لقى ربه في عهد معاوية سنة 49 هـ فلم يك سبيل للحسين الا مناهضة يزيد.
أحسن الحسين رضي الله تعالى عنه ظنه بمن التفوا حوله الذين ألحفوا في استفزازه لقيامه بطلبها، ولم يحسب لصرامة الأمويين وشدة شكيمتهم حسابا، ولم يستعرض ما غرر به العراقيون أباه وأخاه فيما سبق.
توالت عليه النصائح من الهاشميين وغيرهم أن لا يركن لأهل العراق، الا أنه اعتزم المسير اليهم، على الرغم من اسداء هذه النصائح الغوالي من المخلصين، وأحسن ما وصف به حال الحسين وأهل العراق يومئذ ما روى عن الفرزدق الشاعر، وقد خرج من العراق حاجا فلقى الحسين في الطريق إلى مكة عند الصفاح، ففي الكامل: "قال له الحسين: بين لي خبر الناس خلفك، قال: على الخبير سقطت، قلوب الناس معك، وسيوقهم مع بني أمية والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء، فقال الحسين: صدقت. لله الأمر، يفعل ما يشاء".
وقد اقتفى نسل الحسين أباهم بعد استشهاده، فلم يثنهم عن القيام بطلب الخلافة أي ايعاد، فتهاوت نجومهم بسرعة في العهد الاموي، فمصارع الحسينيين وقعت في العهد الاموي، كما أن مصارع الحسنيين القائمين بطلب الخلافة في العهد العباسي، وهذا الاتفاق العجيب يعلم كنهه وسره العالم بالسر والنجوى، إنّما تلمسنا له ما فات للتقريب والتقبل لما جرى.
ويقتضى هذا الواقع الذي حدث باعتبار الترتيب الزمني أن يكون الحديث فيه على شطرين: الشطر الأول في الحسينيين، والثاني في الحسنيين، وسنقتصر على المشاهير.