/صفحة 72/
قلت: ونزن ويستمر الوزن الشهور تلو الشهور، أو حتى يوم النشور، ولا والله ما تبين الغث من السمين.
قال: بل يستبين الا أن نكون من المكابرين، ولعن الله شيخاً يدعى إلى اللجاج فيستجيب.
قلت: بعدنا عن تأبط شرا، وسنان الموت الأصلع الذي يبرق.
قال: فالعود أحمد. أو لا تراه رجلا اذا هم ألقى بين عينيه همه ونكب عن ذكر العواقب جانبا، كما قال شبيه له فيما بعد؟
قلت: انه يذكر الموت كثيرا. فتارة الموت "خزيان ينظر" وأخرى "يبرق سنان الموت" وثالثة "نجا من الموت ولما ينزع سلبه" ورابعة وخامسة، فقلما ترون له شعراً يخلو من ذكر الموت، أفلا ترونه قلقاً نفسياً واشفافا أن يحبن حينه.
قال: ولم لا يكون حنيناً إلى الحين، فأصحاب علم النفس يعرفون بجوار غريزة البقاء غريزة الفناء، أو حب افناء الذات، ان حب الحياة وحب الموت كليهما من مركبات النفس الحيوانية، وانما يغلب أحدهما على الآخر حسب ظروف كل وملابسته، فهنا شعراء جدد مدنيون يذكرون الموت اشفاقا أن يقع عليهم، وهناك شعراء قدماء بادون يذكرونه شوقا إليه:
ألا أيها الباغي البراز تقربن أساقك بالموت الذعاف المقشيا
فما في تساقي الموت في الحرب سبة على شاربيه فاسقني منه واشربا
يدعو مبارزه إلى أن يتساقيا كأس الموت، اسقني منه واشرب، أفلا تراه مخلصا في دعوته هذه؟ بلى ولقد كانت حياته العاملمة مصداق شاعريته القائلة.
قلت: فمن هو؟
قال: شاعر عربي غير جاهلي، ليس ممن يرتاب في حيواتهم أو في صحة نسبة شعرهم اليهمز
قلت: لذيذ تاريخها وسعرها ونثرها هذه اللغة العربية التي شرفها الخالق سبحانه وتعالى فنسب اليها كتابه الكريم.