/صفحة 71/
قال: ما أخطأ الشاعر، إنّما اخطأ الصواب دماغك، فليس معنى (خفت) هنا ما يفهمه الطفل الصغير من خاف يخاف خوفا، وانما معناها العلم. ولو خفت أني: تعنى لو علمت أو اعتقدت… ألا فتريث قبل أن تحكم فتلك هي الحكمة.
قلت: انه لأمر أمر لغتنا العربية. كيف تتطلبون من متعلميها بل علمائها أن يعلموا أن خاف يخاف خوفا تعنى علم يعلم علما، على بعد ما بينهما معنى ومبنى.
قال: فالبعد بعدك عن المعرفة، والا فكيف يكون متعلماً لغتنا أو عالماً بها من لم يقرأ وثيقتها الأولى، بل الوحيدة التي ترتفع عن موطن الشبهاتن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفة.
قلت: فما دخل كتاب الله فيما نحن فيه؟
قال: قوله تعالى: "و ان امرأة خافت بعلها نشوزاً أو اعراضاً_ وقوله: "فمن خاف من موص جنفا_ فبين أن الخوف فيهما إنّما هو العلم، ولا يمكن أن يكون الرعب أو الفزع أو الرهبة أو الجزع أو ما اليها.
قلت: مهما يكن الأمر، فان الاشتراك والترادف والنقل ولغة الأضداد وأشباه هذه الفصائل ونظائرها هي العاثور الذي يمنع بعض الدارسين أن يسعوا إلى حمى اللغة العربية المحمى بتلك المخوفات المعلومات.
قال: لكل لغة من اللغات المعروفات وغير المعروفات ماشاء الله من عقبات ومثبطات، وليس طرق المعارف ـ عامة ـ مفيدة ميسرة لكل نكس برم، ولكنه علو الهمة ومضاء العزم وسائل أهل العرفان إليه … وليس الاشتراك وغيره مما سميته ولم تسم بدعاً في لغة القرآن وحدها، لكنه قدر مشترك بين اللغات جميعا، على أن للغتنا الشريفة من رسو القواعد، وعموم الأحكام، وندرة الندرة، أو شذوذ الشذوذ، لامتيازات فلما تجدها في غيرها من اللغات.
قلت: لكل أن يتغزل في لغته، ويخلع عليها ماشاء من جميل الصفات.
قال: ونضع الموازين القسط. وهات اللغة الأجنبية التي تختار، وسنرى ما يشول في الميزان.