/صفحة 69/
قلت: حبذا لو استطعت أن أولى جدكم الجاد شطر هذه المسألة الحيوية.
قال: أي نعم. أفليس الغاء الحرب بمعنى استبقاء الحياة وابطال الموت من حيث صورته البشعة على الأقل. صورة الحب، تالله انها لحيوية. ذلك الحق لا ريب فيه، فدعني اكراماً لك أبعث تأبط شرا حيا يسعى بسيفه وسنانه، أفتراه يفهمك أو يفقه فكرة السلام العالمي، واذ فقهها أفتراه موافقاً عليها، واذا كان قد فسد طبعه ووافق عليها، أفترى الإنسانية جمعاء قد فسد طبعها، فيقر قرارها على فكرة السلام العالمي؟ يقول سبحانه وتعالى: "و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض" ففساد الارض رهن فساد الإنسان، يركن إلى الدعة وحب السلامة، فلا يدافع عن حمى ولا يدفع عدوانا.
قلت: ولماذا المدافعة والدفع اذا اعتدل الطبع بالقضاء على الوحشية الكامنة في نفوسنا، وسوينا كل ما يمكن أن يشجر بيننا من خلاف بالوسيلة السلمية؟
قال: محال أن تجتمع الناس على كلمة سواء، ولو كانت كلمة السلام العالمي، ذلك بأن اختلاف الرأي غريزة مغروزة في أعمق أعماق النفس البشرية، وتلك حقيقة علمية عملية من الحقائق القليلة التي ترتفع عن مستوى المناقشة… فما تسميه اعتدال الطبع ان هو الا فساده، رضيتم أو سطختم، فما كان أحكام الحاكمين ليلغى نواميس الكون اكراماً لمن اتخذ الهه هواهن وأضله الله على علم أو جهل، وختم على سمعه وقلبه. وجعل على بصره غشاوة.
قلت: انكم لتبعثون في خيالي صورة الأستاذ الكبير العلامة (سبيتو بنتور) فلقد أراه سنة تسع وثلاثين وتسعمائة بعد الالف، أراه واسمعه حينئذ محذرا من أولئك المجانين الداعين إلى السلام العالمي، الغافلين عن حرب عالمية تقدم حديثا، فقد جاء أشراطها… كان يدرس القانون الدولي لطلبة الدراسات العليا في جامعة القاهرة، فكان مغيطا محنقا أن يرى الذين لا يعلمون يصخبون، فيطغى صخبهم على أصوات الذين يعلمون.
قال: دعني من "بنتور" وغيره من أصحاب الدراسات القانونية الدولية،