/صفحة 67/
لقد تبلغ بدويا في شملته منزويا في باديته لا يختلف كثيراً عن تأبط شرا، وعساك أن تلقاه عند "رحى بطان" أو "الغميصاء" أو غيرهما من الأماكن التي كان يرتادها سلفه منذ قرون وقرون.
قلت: هبوني تحدثت إلى علية القوم، وطار قولي حتى ذلك البدوى عند "رحى بطان" أو حيث ما كان، فبم تشيرون أو أي هدف تقصدون؟
قال: الامتاع والاسماع.
قلت: غير مفهوم.
قال: الامتاع بالاسماع. والاستمتاع بالاستماع أو لعل العبارة لم تؤد المدلول الذي أنشده، فأنت في واقع الأمر تستمتع بما تقول استمتاع من يستمع اليك. بل عسى أن تكون وحدك المستمتع، وهو وحده المتجرع بلاء ما يسمع… انها ـ من حيث المنطق ـ واحدة من ثلاث: احداهن محدث وسامع يستمتعان. والثانية محدث يستمتع وسامع تتجرع أذناه العذاب. والثالثة محدث يعانى القول عذابا، وسامع يسيغه برداً شرابا.
قلت: الظاهر أنهن أربع. فثم أخرى تقابل الأولى حذوك النعل بالنعل، أعنى تلك التي يشقى بها الطرفان: السامع والمسمع.
قال: أي كما وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف
تضاف ويذكر صدر الصلة، وتضاف ولا يذكر، ولا تضاف ويذكر، ولا تضاف ولا يذكر، وهي إنّما تعرب في حال واحدة من الأربع: غير مضافة محذوفة الصدر، نحو علمت أيا عالما، على خلاف أيهم هو عالم، وأيهم عالم، وأي هو عالم. فهي في الثلاث مبنية على الضم. نحو: "ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا" فأما استطالة الصلة…
قلت: على رسلكم. فلست أدري فيم نحن، وأية علاقة بين هذا وذلك الذي كنا فيه؟
قال: العلاقة أو وجه الشبه أو المناسبة أو هي جميعاً منطق الأشياء في الأحوال