/صفحة 66/
أو آجلا ـ ملاق سنان الموت يبرق أصلع، ذلك بأن من شأنه أنه مغرى بالعدو يترصدهم ويتتبعهم فيقتلهم، لابد مصادف مصرعه كما صادفوا هم كثيراً على يديه مصارعهم.
قلت: أفحياة هذه تستحق أن يحياها الإنسان هكذا قائلا أو قتيلا: أسنة براقة ودماء مهراقة، وانسان يكاد يكون وحشا، ووحوش تكاد تكون أناسى من طول ما عاشرها وساكنها. فتركها ترتع أو لآن شاءت تقبع في كنسها آمنة مطمئنة بقدر ما هو آمن مطمئن ساكن اليها حتى لكأنه واياها جماعة من فصيلة بعينها لا تختلف بل تأتلف أوثق ما تكون الألفة. أفليس ذلك هو قلب الوضع ومناقضة الطبع. فشأن الآدميين ـ طبيعة ـ أن يأتلفوا وأن يكونوا قوة تدفع الوحوش وتمنعها مراتها، بل تلج عليها أغيالها ومرابعها، فهي مسخرة لبني آدم دماؤها ولحومها وجلودها وأوبارها وأشعارها. فماذا كان يضير صعلوكنا هذا الفاتك، لو أنه جادل عدوه بالتي هي أحسن فتفاهم واياهم، فخالفهم فتعاونوا فقاوموا جميعاً تلك الوحوش. بل الطبيعة كلها، حيوانها ـ غير الإنسان ـ ونباتها وجمادها: أنواء وعواصف وسيولا وقواصف وبوارق وصواعق، وشروراً كثيرة كبيرة جديرة تستنقذ الطاقة الإنسانية، تلك التي تبددها في غير ما وضعت له، اذ يقتل بعضنا بعضا فتخرب الكرة الارضية، في حين أنه سبحانه وتعالى إنّما استخلفنا فيها لنعمرها، وها نحن أولاء موشكون أن ندمرها …
قال: رويدك بعض غلوائك. فلقد تركتك تهذى ما شاء لك الهذيان، فما كان حديثك هذا ليوائم صعلوكنا العزيز تأبط شرا. بل ما كان ليفهمه لو أنه نفض غبار أربعة عشر قرنا واستجم واستحم ثم قعد مقعدى هذا منك… أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى، أن تدع تأبط شرا في ظلمات العصور والدهور التي توالت ثم ولت مذ قتله قاتلوه وتركوه بين الصخور. ثم تتحدث هاويا ما شئت إلى أمم ممن معك على الارض ممثلة في أحسن من يمثلها من بينها النجوم المضيئة في أجمل آفاق البشرية حيث يستمعون القول ويسجلونه وتطير به البوارق في سائر الآفاق حتى