/صفحة 58 /
الحطب الجزل من كلام "الصبان" عليها. ولننظر أثرهاالعمَلىّ في الأساليب والاستعمالات ومدى تحكمها فيها واستبدادها بها. فلقد كان من أثر هذه التعليلات اللفظية أنْ حَرَّمت جمهرة النحاة إتباع جملة "نعم وبئس"بنعت واختلفت في اتباعها بباقى التوابع. ولم يكن سندهم في التحريم والمنع هو السند الذي قد يقبله العقل ويؤيده الواقع ;وأعنى به: موافقة الكلام العربى الأصيل، والمأثور من الأساليب الصحيصة الخالصة ;فلو أنهم اعتمدوا في الحْظر على هذا السبب -سبب المخالفة للوارد من الْمُثُل المصطفاة العربية - لحمدنا الرأى، وعملنا به. ولكنهم حرّموا وحَظروا لأن الإباحة تخالفْ تعليلاتهم وتتعارض مع أدلتهم الجدلية السابقة لا مع الواقع المنقول إلينا من كلام العرب السابقين. استمع إلى رأيهم في ذلك كما دونه الأشمونى وحاشيته (وقد دونتها جهة اليمين أحياناً):
(لا يجوز اتباع فاعل نعم وبئس بتوكيد معنوى (1) قال في شرح التسهيل باتفاق وأما التوكيد اللفظى فلا يمتنع وأما النعت فمنعه الجمهور (2)وأجازه أبو الفتح في قوله:
لعمرى وما عمرى على بهين *** لبئس الفتى المدعو بالليل حاتم
قال في شرح النسهيل وأما العنت فلا ينبغى أن يمنع على الإطلاق بل يمتنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس لأن تخصيصه حينئذ مناف
(1)قوله: (بتوكيد معنوى)ليس المقام مقام تحقيق الاحاطة بالجنس فلا يشذ منه أحد حتى يؤتى بكل، ولا رفع احتمال إرادة جنس آخر ملابس للجنس المذكور حتى يؤتى بالنفس كذا قال الدمامينى قال"سم"وهو لايتأتى في المثنى والجمع اه. قال في الهمع قال أبو حيان: ومن يرى أن "أل"عهدية شخصية لا يبعد أن يجيز: نعم الرجل نفسه زيد. اه!!
(2)(قوله فمنعه الجمهور)أى لأنه إن أفراد خولف المعنى وإن جمع خولف اللفظ قاله الدمامينى. وقال الفارضى: لأن النعت يخصصه ويقلل شيوعه فينافي المقصود منه وهو الجنس في ضمن جميع الأفراد حقيقة أو مجاز كما هو المشهور فيه