/صفحة 53 /
القوم به اختاروا الضمة حملا للشىء على نظيره فوجه السبه بين الضمتين كون كلّ في َخر الفعل أعم من أن يكون آخر حقيقة أو تنزيلا. وأورد على الشارح أن ضمة الواو لمناسبتهالها كما قالوا في "لتبلون"فهى ضمة بناء وضمة "قل"لإتباع ثالث ما بعده، فهى ضمة اتباع، لاضمة بناء. وأصل تحريكها للتخلص من التقاء الساكنين، وكلا منا في أسباب ضم البناء. فكان الأوْلى إسقاط هذا الأخير )اه فما عسى أن يقول المنصف في مثل هذا وأن يكون حكمه عليه ؟وهل كان العربى الأصيل ومن معه من الناطقين الأوائل بهذه الكلمات يفكرون ويقدرون ويرتبون هذه القضايا الجدلية قبل أن ينطقوا بالكلمة ويعدون الأقيسة التي تنتج نتائج مُعَيّنة في البناء والإعراب وحركة البنَاء والإعراب ؟ولماذا كانت الحرة ولم يكن السكون ؟ولم كانت الحركة الفتحة أو الكسرة أو الضمة. . . أو. . . أو. . . ژ. ليس معنى هذا أن ذلك العربى الأول كان فيلسوفا، ناضجاً، ومنطقياًعالما؟ فمن أين جاءله ولأمته في عهد نشأتها وبدء تكوينها ذلك المنطق، وذلك التعليم الفلسفى وغير الفلسفى وهما لايظهران إلا بعد تمام النضج العلمى، والوعى الحضرى;والرقّى الذي تسبقه دراسات وبحوث منظمة في نواحى العلوم المختلفة ؟ولن يكون من هذا شيء في بداية الأمم وجاهليتها وأطوارنشأتها الأولى. ولو أنَّ العربى الأول ومن معه في عهود نشأتهم العيتقة فَكَّر في كل كلمة على هذا النحو وأطال النظر في بنائها وإعرابها ومايتصل بذلك على الوجه العجيب الغريب الذي سجله النحاة لَوَدَّع الحياة، وخرج هو و. هل جيلة من دنياهم قبل أن يفرغوا من بحث بْضعِ كلمات قليلة على الوجه السالف ;ذلك أن أعمارهم قصيرة لا تتسع لمثل هذا البحث المستقصى العنيف، والدراسة العقلية المستفيضة. بل إن أعمار أجيال متتابعة لاتتسع لمثل هذا ولا للفراغ منه. وإذاًفكيف كانوا يتكلمون قبل الانتهاء والفراغ من تلك الدراسة العجيبة ؟