/صفحة 421/
الفعل هذا، بالضخامة هذه، هو الذي يبحثه الفقيه، ويتخذه موضوعأ لعلمه وتنهيجه.
أنظر الآن إلى (الفقيه). إن لم تره (خليفة) أو نائباً عن خليفة، فإنه مستشار دولة في تخطيط حضارة، وصنع حياة.
ومن (الأفعال) التي يبحثها الفقه (عمل) الفقيه. . تنهيجه الذي هو جوهر اختصاصه، ووسيلة توحيد تلك الأفعال الإنسانية الضخمة المختلفة، لا عمله الصغير الباقى، بعد ذهاب مهماته الكبرى. . لا قوله هذا حرام، وذاك حلال.
تنهيج الفقيه (فعل) وفعل قيادى ذو صلاحية كبرى تتعدى الفتيا في حدود اختصاصة، إلى الفتيا بالا ستناد إلى آراء الإخصائيين فما يخرج عن حدوده العلمية، ويزداد خطوة فيرتفع إلى مستوى عمله الأكبر، وهو تصميم الثقافة الحضارية العامة بفن تربوى يوسعها، وينميها، ويوزعها، ويربطها متجددة بالنظام الإسلامي الأساسى.
من الواضح أننى لا أريد صهر جميع الاختصاصات في اختصاص الفقه، أو أكلف الفقيه أن يكون أكثر من نفسه، هذه حماقة لا تخطر ببالى. ولكن الفقيه لن يكون فقيها إذا لم يضطلع بمهمته التي عرضتها، ولن يضطلع بمهمته على وجهها قبل أن تكون له مشاركات ثقافية ضرورية لعمله الذي منه قدرته على الملاءمة بين الحكم وبين الفعل لا بأخذه من الأدل جاهزاً، بل بفهم نفسية الفعل وظرفه مظافاً إلى ذلك، والذى منه قدرته لا فقط على معرفة ذى الاختصاص في مشكلة ترتبط بغير فرعه الخاص من فروع المعرفة، بل قدرته ـ فوق هذا ـ على فهم التقرير المقدم إليه بحل الإخصائى الآخر. والذى منه قدرته على توجيه المعرفة في مناهج التعليم وتوزيعها وربطها بالنظام الأساسى.
وهكذا لا يتحمل الفقيه مالا يطيق. ولا يتسع الفقه لابتلاع العلوم الأخرى. إننى لم أضف إلى الفقه شيئاً جديداً، وكل ما صنعت هو أنى سميت (منطقة) المستفاد