/صفحة 422/
من تاريخه، ومن موضوعه، ومن بنائه العلمى على النحو الذي رأيت، والمستفاد من مبدأ (الاجتهاد) فيه، هذا المبدأ الصراعى التطورى العظيم.
إن الاجتهاد يحمل اللواء في معركة البقاء. ويوجه منها النصوص المرنة منطلقاً نحو أهدافها الحياتية في الحالات التي خلقت بعد النصوص وفق روحها المتجددة.
هذا الذي أشرحه مكرس في الفقه. . إنه الفقه متحركاً في وظيفة الفقهاء حتى الفقهاء المعاصرين، ولكن سيرة اختلف فأضاعه وذهب به. كان سيراً أمامياً فعاد سيره ورائياً، كان مطردأ، وهو الآن معكوس، كان ذا مضامين ملء أشكاله، وهو الآن أجوف.
التخلف والشلل ليس من طبيعته، بل ليس من أعراضه، وإنما هما من أعراض الفقهاء الجامد بعضهم، التاجر أكثرهم، وليس فقيهاً من لا يعرف من الفقه أكثر من الزى.
3ـ من هم المكلفون؟
"المكلف" اصطلاح قانونى، يذكرنا بالعمل الضائبى لتمويل الخزينة، ويذكرنا بالتحنيد لخدمة العمل، إنه تعبير دولى شائع ذو مفهوم واضح، ولكنى لا أريد أن أخرج عن الفقه في شيء الإيضاح والاستعانة، لأكشف عن قدرته هو على إيضاح معطياته بذاته.
(المكلف) في الفقه هو من بلغ رشده. من بلغ نضجه الجسمانى وتفتحه للحياة المؤذن ببلوغة الرشد العقلى الحر. المكلف هو كل فرد مسئول، هو من يخاطب بتكاليف الله. . تكاليف السلطة العيا المنجّزة أحكاماً شاملة مفصلة للفرد مستقلا ومنضماً، وللجماعة كلا وبعضاً، في جميع الأحوال، وكل الظروف، وإزاء كل الوسائل وكل الأعمال. ويشمل خطاب المكلف هذا تكليفه بواجباته نحو غير المكلف. غير المشمول لخطاب التكليف، كالمكفول من طفل، وقاصر، ومريض،