/صفحة 385/
بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث، وذكر أن من خالف ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفة ظنوا صحتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته(1).
فهذا كلام صريح واضح في الدلالة على أن الإمامية كغيرهم في اعتقاد أن القرآن لم يضع منه حرف واحد، وأن من قال بذلك فإنما يستند إلى روايات ظنها صحيحة وهي باطلة.
وقد كتب فضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنية ـ وهو من كبار علماء الشيعة الإمامية في لبنان، وقد ولى مناصب القضاء حتى وصل إلى رياسة المحكمة الشرعية العليا ـ كتب فضيلته يقول:
"ألفت نظر من يحتج على الشيعة ببعض الأحاديث الموجودة في كتب بعض علمائهم ـ ألفت نظره إلى أن الشيعة تعتقد أن كتب الحديث الموجودة في مكتباتهم، ومنها الكافى، والاستبصار، والتهذيب، ومن لا يحضره الفقيه، فيها الصحيح والضعيف، وأن كتب الفقه التي ألفها علماؤهم، فيها الخطأ والصواب، فليس عند الشيعة كتاب يؤمنون بأن كل ما فيه حق وصواب من أوله إلى آخره غير القرآن الكريم، فالأحاديث الموجودة في كتب الشيعة لا تكون حجة على مذهبهم. ولا على أى شيعى بصفته المذهبية الشيعية، وإنما يكون الحديث حجة على الشيعى الذي ئبت عنده الحديث بصفته الشخصية، وهذه نتيجة طبيعية لفتح باب الاجتهاد لكل من له الأهلية، فإن الاجتهاد يكون في صحة السند وضعفه، كما يكون في استخراج الحكم من آية أو رواية، ولا أغالى إذا قلت: إن الاعتقاد بوجود الكذب والدس بين الأحاديث ضرورة من ضرورات دين
ـــــــــــــــــــــ
1-ص 18 من الجزء الأول من كتاب ]مجمع البيان[ طبع دار التقريب سنة 1378 هــ 1958 م بالقاهرة.