/صفحة 384/
العامة، أن في القرآن تغييراً ونقصانا، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى قدس الله روحه، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات، وذكر في مواضع: أن العلم بصحة تقل القرآن، كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة فإن العنايد اشتدت، والدواعى توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم تبلغه فيما ذكرناه; لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية، والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً، مع العناية الصادقة، والضبط الشديد؟".
"وقال أيضا ـ قدس الله روحه ـ: إن العلم بتفسير القرآن وأبعاضه، في صحة نقله، كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المنصنفة، ككتاب سيبويه والمزنى، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من جملتهما، حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا في النحو ليس من الكتاب; لعرف وميز وعلم أنه ملحق وليس من أصل الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزنى، ومعلوم أن العنايد بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء":
"وذكر أيضاً ـ رضى الله عنه ـ: أن القرآن كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن، واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عين جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود، وأبى بن كعب، وغيرهما ختموا القرآن على النبى (صلى الله عليه وآله وسلم) عدة ختمات، وكل ذلك يدل