/صفحة 371/
سبب منشىء للملكية، والآخر غير منشىء لها، فيعتبر كاللغو بالنسبة للآخر.
ونرى من هذا أن ذلك الرأى يتجه إلى مقدار النفع الظاهر، لا إلى الحقوق المجردة.
قوة الملكية في إحياء الموات:
27ـ الإحياء ينشىء الملكية على الأراضى الموات بعد أن لم تكن، وإذا ثبتت الملكية لمن أحياها تكون ملكية تامة لا تزول إلا بسبب من أسباب زوال الملكية، كالبيع والميراث والهبة، والوصية، وغير ذلك من أسباب زوال الملكية، وقد اتفق على ذلك الفقهاء، وإذا عادت الأرض مواتاً، فهل تزول الملكية، إذا كانت يد المالك بالإحياء ما زالت قائمة فقد قال أكثر المالكية: إن الأرض تعود مباحة، وذلك لأن الإحياء بالنسبة لمن أحياها هو سبب الملك، فإذا زال الإحياء زالت الملكية، وإن الإحياء كالاصطياد إذا زالت اليد عن الصيد زالت الملكية.
وقال الأكثرون من الفقهاء إن الملكية إذا ثبتت بالإحياء لا تزول بعودتها ميتة، لأن الإحياء الذي أوجب الملكية قد ثبت فترتب أثره، ولم يرتفع الإحياء الذي أوجد الملكية، لأن الواقع لا يرتفع إذ أن الإحياء فهل من الأفعال بمجرد حدوثه سجل في الوجود فلا يمكن نفيه، وإن كان لا يمكن أن يستمر ذات الفعل وهو الإحياء، واستمرار الأسباب وبقاؤها ليس بشرط في وجود الأحكام المسببة عن وجودها، فإن الملك المترتب على الشراء أو الهبة لا تستمر أسبابه، ومع ذلك يستمر هو، وأيضاً فإن الحديث: "من أحيا أرضاً ميتة فهى له، وليس لعرق ظالم حق" يفيد الملك بإطلاق.
هذا إذا كانت الأرض قد عادت ميتة، وهي لا زالت في يد محييها، أما إذا انتقلت إلى يد أخرى فإن جهور الفقهاء أنها تستمر على الملك ولا تعود مباحة، وقد ذكرنا أن بعض الحنابلة قرر أن الملكية تزول وتعود مباحة، وقلنا إن ذلك الرأى اقتصادى، لأنه يفتح الباب لتنمية الثروة دائماً، ولعله يجب أن يعطى المالك فرصة لإحيائها ولا يحييها.