/صفحة 372/
28ـ والأراضى التي تحيا أتكون خراجية أم تكون عشرية، ومعنى أنها خراجية يؤخذ منها خراج، ومعنى أنها عشرية يؤخذ منها عشر هو زكاة الزرع أو الثمر؟ لقد اتفقوا على أنه إذا أحياها غير مسلم تكون خراجية، لأن ما يقع تحت سلطان الذمى من الأراضى يكون خراجيا، ولو كان قد انتقل من غيره، فلو كانت عشرية في يد مسلم وانتقلت إلى ذمى بالبيع صارت خراجية، وعلى ذلك يكون أولى بالوصف ما يكون قد أنشأ الملكية عليه.
ويلاحظ أن الخراج في هذه الحال هو الخراج المقابل لزكاة العشر، وأما الخراج الآخر الذي يعتبر أجرة فإنه يجرى فيه الخلاف الذي يجرى في الحال الآتية، وهو الذي سنذكره في إحياه المسلم.
وإذا أحياها مسلم فقد قال محمد إنها تتبع ماءها، فإن كانت تسقى من ماء السماء، أو بماء الأنهار العظام التي لا تقع في قبضة أحد فهى عشرية، وإن سقيت بماء من نهر كان قد حفره الأعاجم قبل الإسلام فهى أراض خراجية، وذلك لأن الماء هو العنصر الفعال في الزرع، بل هو في أغلب الأحوال ما تحتاج إليه الأراضى الموات لأجل إحيائها وجعلها صالحة للزراعة، ولذلك تكتسب الأرض صفته، فإن كان ماء يفيض بنعمة الله من غير عمل الإنسان كانت عشرية، وإن كان ماء لغير المسلمين عليه سلطان، وهو في حوزتهم وملكهم كانت خراجية; لأن هذا النوع من المياه يعتبر فيئاً وغنيمة فهو يشبه الأراضى الخراجية فما يحييه من الأراضى يكون خراجياً.
وقال أبو يوسف إن العبرة بالحيّز، فإن كانت في حيز الأراضى الخراجية فهى
خراجية، وإن كانت في حيز الأراضى العشرية فهى عشرية، وذلك لأن مرفقها يتعلق بما حولها من الأراضى فتكون تابعة له في الوصف، فإن كان خراجياً كانت مثله، وإن كان عشرياً كانت كذلك.
والخراج هنا هو خراج المقاسمة أو خراج الوظيفة، وليس كالخراج الذي يقابل الزكاة، ولذلك نرى أنه لا فرق بين أن يكون المحيى مسلما أو ذميا، بيد أنه إن كان ذميا وكانت الأرض عشرية فإن الواجب على الذمى ضعف الواجب على المسلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.