/صفحة 370/
ولإثبات السبق إليها، ووضع اليد عليها، فهل ثبت للمحتجر حق بهذا؟ لقد اتفق الفقهاء على أن التحجير أو الاحتجار لا يثبت ملكية، لأنه لم يضف ثروة إلى ثروات المجتمع، ولكن قالوا إنه يثبت حقا بهذا السبق، حتى لا يجرى التشاح، والحق لا يستمر إلا لمدة ثلاث سنين، وذلك لقول النبى (صلى الله عليه وسلم): "ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين".
فإذا مضت ثلاث السنين ولم يحيها نزعت من يده، وأيما شخص جاء وأحياها بعد مضى ثلاث السنين فهى له بمقتضى النص، وذلك لأن المحتجر إذا مضت ثلاث سنين، ولم يحيها ضيق على الناس في حق مشترك بينهم، إذ لهم حق إحيائها وامتلاكها بهذا الإحياء، فجاء ومنع الناس عنها وما أحياها، وكان بهذا ظالما، والاعتدء بالمنع من غير أى ثمرة ترجى منه.
وفي مدى السنين الثلاث لايجوز لأحد أن ينزعها من يده لتكون لديه فرصة للإحياء، ولكن هل هذا الحق يثبت في الديانة بمعنى أنه لو أحياها ناس في مدة السنين الثلاث يملكونها، وإن أتموا ديناً، وذلك كمن يساوم على بيع حق غيره فإن الشارع قد نهى عن ذلك، ولكن إن ساوم وتم البيع تثبت الملكية بهذا البيع المنهى عنه ـ أم أن الحق يثبت في الديانة والقضاء بمعنى أنه جاء ناس وأحيوها لا تثبت لهم الملكية؟
قال بعض الفقهاء إن التحجير يثبت حقاً في القضاء والديانة مادام في حدود السنين الثلاث، وعلى ذلك لو اعتدى آخر وأحياها لا تثبت الملكية، لأن ذلك اعتداء، والاعتداء لا يثبت ملكية، إذ الظلم لا يكون سبباً لحق من الحقوق، لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) يقول: "ليس لعرق ظالم حق".
وقال غيرهم إن التحجير في مدة السنين الثلاث يثبت حقاً في الديانة فقط، إذ أن التحجير يدل على مجرد السبق، وليس سبباً للملكية، والإحياء سبب للملكية بنص الحديث، وإذا تعارض أمران قدم أقواهما فيقدم الإحياء، لأنه