/صفحة 369/
الإمام، ومن أحيا أرضا مواتا بغير إذن الإمام فليست له، وللإمام أن يخرجها من يده، يصنع فيها ما رأى من الإجارة والإقطاع وغير ذلك، قيل لأبى يوسف ما ينبغى أن يكون قد قال هذا إلا من شيء، لأن الحديث قد جاء عن النبى (صلى الله عليه وسلم): "من أحيا أرضا مواتا فهى له" فبين لنا ذلك الشىء فهل سمعت منه في هذا شيئاً يحتج به؟ قال أبو يوسف: حجته في ذلك أنه يقول الإحياء لايكون إلا بإذن الإمام أرأيت رجلين أراد كل واحد منهما أن يختار موضعاً واحدا، وكل واحد منهما منع صاحبه، أيهما أحق: أرأيت إن أراد رجل أن يحيى أرضا ميتة بفناء رجل وهو مقر أن لا حق له فيها، فقال لا تحيها فإنها بفنائى وذلك يضرنى، فإنما جعل أبو حنيفة إذن الإمام في ذلك هاهنا فصلا بين الناس، فإذا أذن الإمام في ذلك لإنسان فله أن يحييها، وكان ذلك الإذن جائزا مستقيما وإذا منع الأمام أحدا كان ذلك المنع حاجزاً، ولم يكن بين الناس التشاح في الموضع الواحد، ولا الضرار فيه مع إذن الإمام ومنعه، وليس ما قال أبو حنيفة يرد الأثر، وإنما رد الأثر أن يقول، وإن أحياها بإذن الإمام فليست له، فاما من يقول فهى له، فهذا اتباع للأثر، ولكن بإذن الإمام ليكون إذنه فصلا فيما بينهم من خصوماتهم، وإضرار بعضهم ببعض. أما أنا فأرى أنه إذا لم يكن فيه ضرر على أحد، ولا لأحد فيه خصومة، أن إذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جائز إلى يوم القيامة، فإذا جاء الضرر فهو على الحديث، وليس لعرق ظالم حق".
وإن قول أبى حنيفة هو الذي تسير عليه أكثر الحكومات، وهو المعقول في ذاته، لأن منع النزاع قبل حصوله أولى من التدخل بعد الوقوع، ومنع الضرر قبل وقوعه أولى من محاولة دفعه بعد الوقوع.
التحجير:
26ـ والإحياء سبب للملكية، لأنه زيادة في الثروة العامة، فمن أحيا أرضا ميتة فقد أضاف إلى ثروة المجتمع ثروة لم تكن فيه، وإذا لم يتم الإحياء، ولكن كان التحجير، وهو تسوير الأرض لمنع الأيدى من أن تمتد إليها،