/صفحة 365/
فكرة إلى أن صارت جسما يتحرك ـ له أثر بين في إنتاجها، وما تخرجه، وهي كلها جهود إنسانية، جسمية كانت أو عقلية.
ولذلك نعد المخترعين عاملين، ونتج الآلات بأعمالهم، ولكن إنتاجهم ليس بالمباشرة، بل إنتاجهم تتوسطه أعمال كثيرة مختلفة، وهو مهما تتعدد الوسائل بين الفكرة المخترعة والتنفيذ ـ المخترع هو صاحب الفضل الأول، ويجب أن تكون له ثمرة تتناسب مع الفائدة التي أزجاها باختراعه.
ومن الأعمال ما لا ينتج بعمل وحده، بل الهبات الإلهية لها الفضل الأكبر في مقدار الثمرة، وذلك خاص بما تنتجه الأرض، وما يستخرج من باطنها، ولأن الهبة الإلهية هي التي تختص بأكثر ما ينتج أضيف الأمر فيها إلى الله تعالى، ولم تضف إلى كسب الإنسان، واعتبر الأمر فيها مقابلا لعمل الإنسان، إذ قال سبحانه: "يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم، ومما أخرجنا لكم من الأرض" ونرى النص الكريم يشير إلى موردين من موارد المال ـ أولهما ـ كسب يد الإنسان، وله في الإنتاج قدر كبير يمسح بأن ينسب إلى كسبه، والآخر أخرجه الله تعالى من الأرض لهم زرعا محصورا، أو ثمرا طيبا، أو معدنا نافعا، ونرى أن هذا النوع الاخير خاص بالمعادن، والزرع والثمار، وقد سبق منا القول في المناجم وأحكام الأراضى، ولا نعيد هنا ما بينا آنفاً، ولكن هناك نوع من الأراضى يكون عمل الإنسان كثيرا في جعله صالحا للانتاج، ولذا لا بد من ذكره ببعض التفصيل كمصدر من مصادر الملكية الذي يكون لعمل الإنسان نتيجة مباشرة فيه، وذلك هو إحياء الموات، يشبه إحياء الموات الصيد، وما يستخرج من البحار.
إحياء الموات:
22ـ والأراضى الموات هي الأراضى التي لا ينتفع بها، ومعنى إحيائها جعلها صالحة للانتفاع، وكثر ما يكون جعلها صالحة إنّما هو يجعلها صالحة للزرعة،
والإحياء سبب من أسباب الملكية على ما سنبين إن شاء الله تعالى.