/صفحة 361/
ولقد حرض القرآن على العمل، وصرح بأنه السبيل الأول لكسب المال وطلب الرزق، فقد قال تعالى: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" وأمر بالعمل فور العبادة فقال سبحانه: "فإذا
قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً".
فليس الإسلام دين الصوامع، بل دين العبادة والعمل معاً، وإن العمل الطيب من العبادة، ويروى في ذلك أن عابداً دخل على النبى صل الله عليه وسلم، فقال قومه إنه رجل يقوم الليل ويصوم النهار، فقال النبى صل الله عليه وسلم: ومن يؤكله قالوا كلنا يؤكله، فقال (عليه السلام): كلكم خير منه. وروى أنه جاءه عابد آخر، فقال (عليه السلام): ومن يؤكله، قالوا: أخوه. قال (عليه السلام) أخوه أعبد منه" وقال (عليه السلام): لأن يحتطب أحدكم خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه، واليد العليا خير من اليد السفلى.
وإن العمل الإنساني هو الذي كانت به سيادة الإنسان على الأشياء، فكانت به سيادة الإنسان على الأرض وما فيها وما حولها، وبه يتحقق تسخير الكون للإنسان، كما قال تعالى: "هو الذي سخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره". وقال تعالى: "الله الذي خلق السموات والأرض، وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم، وسخر لكم الفلك لتجرى في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار، وسخر لكم الشمس والقمر دائبين، وسخر لكم الليل والنهار; وآتاكم من كل ما سألتموه، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوه، إن الإنسان لظلوم كفار" وقال تعالى: "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب، ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، ومن كل الثمرات، إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون". ويقول سبحانه: "وهو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً وتستخرجوا منه حلية تليسونها، وترى الفلك مواخر فيه، ولتبتغوا من فضله، ولعلكم تشكرون".
وهكذا نجد الآيات الكثيرة التي تبين تمكين الله تعالى للإنسان في هذه