/صفحة 358/
فلما تهيأت الأفكار بعد أن قامت الدار بطبع بعض الكتب الفقهية على نفقة وزارة الأوقاف المصرية وتوزيعها، جاءت الخطوة الحاسمة بعد ذلك: خطوة تقرير دراسة فقه المذاهب الإسلامية الشيعية مع السنية في أقدم جامعة إسلامية وهي الأزهر الشريف.
ولم تكن الفكرة ارتجالية، بل كانت مبدأ نادت به الجماعة منذ نشأتها، فلما قدر لرجل صالح مصلح من رجالها المجاهدين ـ له مركزه الدينى الكبير ـ أن يجلس على الكرسى مشيخة الأزهر كان من الطبيعى أن ينفذ ما عاهد الله عليه لخير الإسلام وصالح المسلمين.
ولقد زلزل هذا القرار كثيرا من الانتهازيين وقضى على آمال كثر من المتربصين ولكن التاريخ لا يخدع، وقد صحل هذه الخطوة كحدث هام في تاريخ الإسلام والمسلمين، لم يكن سجل مثله منذ بدأ الخلاف بين الطائفتين إلى اليوم.
* * *
فنحمد الله على أن المسلمين أثبتوا أنهم جديرون بإصلاح شئونهم، قادرون
على علاج مشاكلهم. فإن نجاح فكرة كفكرة التقريب رغم المعارضة التي قامت في وجهها والعراقيل التي وضعت في طريقها، في زمن لم يتجاوز ثلاثة عشر عاما تجعلنا نأمل خيرا كثيرا في مستقبل الزمن.
ولا نحب أن ننسى أن أمامنا فريقين من المعارضين فريقا له إيمانه بفكرته، وله عذره من بيئته أو ثقافته أو غيرته، وهؤلاء لنا فيهم أمل ورجاء لأن المخلص لابد أن ينتهى به إخلاصه إلى معرفة الحق والرجوع إليه يوماً ما، أما القريق الآخر ففريق كان أمثالهم يقولون في عهد نزول القرآن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب" وهؤلاء لا شأن لنا بهم، ولعلهم لا يعيشون إلا بالفرقة، أو يحسون لها لذة لا يحبون أن يفقدوها.
وإنى لعلى يقين من أن هذه الفكرة ستكون نقطة الانطلاق لكثير من