/صفحة 357/
وكأن المسلمين بمشاكلهم الطائفية كانوا في ظلام لا يرى بعضهم من بعض إلا أشباحاً مخيفة، وكأن الجماعة أضاءت لهم، لترى كل طائفة أختها على حقيقتها لا على وحى الظلام، ولقد كان للسان الجماعة: مجلة "رسالة الإسلام"، دور عظيم، إذ جعلت توصل الفكرد إلى مكتبات العلماء ورجال الفكر. وكان كل عدد منها يزيل الستار عن جزء من المحجوب، ويكسب عدداً أكبر لجانب التقريب، وتبين بوضوح أن المسلمين لا يختلفون في كتابهم ولا في صلواتهم ولا في صومهم ولا في حجهم بالإضافة إلى اتفاقهم المطلق في أصول العقائد وأصول الدين والتوحيد والنبوة. وليس بضيرهم أن يكون لبعضهم أصول مذهبية خاصة كالولاية عند الشيعة الذين يرون أن عليا(ع) وأولاده أحق بها من غيرهم.
لقد قرأ السنى عن الشيعة أبحاثهم واستنباطهم وأعجب بالكثير منها. وقرأ الشيعى عن السنة أن أهل البيت مجمع بينهم على حبهم وإكرامهم وأن ماصدر عن بعض الظالمين لا يمثل رأى السنة في أهل البيت.
وعرف أهل السنة أن الشيعة يعتبرون الغلاة نجساً ويحكمون بكفرهم، ويحكمون بخروج أصحاب الحلول كذلك.
وإذن فشتان بين الشيعة على حقيقتها، والشيعة التي تصورها المتصورون.
وشتان بين الناصبى الذي كان يناصب أهل البيت العداء، وأهل السنة الذين يرون في حب أهل البيت عبادة ويصلون عليهم في تشهدهم (اللهم صل على محمد وآل محمد. . . وبارك على محمد وآل محمد).
* * *
ولم تكن سنة التدرج تفارق الفكرة، إلى أن جاء دور جعل الجامعات الدينية إسلامية عامة وهو نص في القانون الأساسى للجماعة منذ نشأتها، فالمادة الثالثة (هـ) تذكر من بين أغراضها: "العمل على أن تقوم الجامعات الإسلامية في جميع الأقطار بتدريس فقه المذاهب الإسلامية حتى تصبح جامعات إسلامية عامة".