/صفحة 353/
بقوتها، وانهارت كبرياؤها وشغلت عن تجديد مساعيها للتفرقة بيننا، بمشاكلها التي أصبحت تهدد كيانها، وبذلك ضعفت قبضتها علينا!
وهناك جانب آخر من الواقع في هذه الحرب وما ترتب عليها من آثار:
ذلك أنها أوجدت في الشعوب الإسلامية لونا من الاعتزاز بالنفس والاعتزاز بالمبادىء الإسلامية فقد رأوا بأعينهم ماجرته المدنية الحديثة على صناعها من ويلات وبلايا ومن فتك ذريع ومن جرائم وحشية اقترفها أساتذة المدينة الحديثة ضد الإنسانية، حبا في السيطرة.
وأدركوا بيقين أن المدنية والمذاهب الاجتماعية التي كان يتيه بها أصحابها في الشرق أو الغرب والمثل التي يتشدق بها هؤلاء وهؤلاء; لم تستطع أن تكلح من ضراوتهم، أو تحد من وحشيتهم وأن الأسلحة الفتاكة التي طالما هددونا بها استخدمت في القضاء عليهم.
لقد كان هذا كله بمثابد ضجة أيقظت المسلمين من سباتهم. ودفعتهم إلى الاهتمام بما عندهم من مبادىء إنسانية ومن مثل عليا خدعهم عنها العدو الطامع فيهم بأباطيلة حيناً من الدهر. وهكذا كان التنافس بين الدول الغالبة المضعضعة، وشعور الاعتزاز عند المسلمين كلاهما من الأسباب المهيئة لظهور فكرة إصلاحية جديدة:
وفي هذا الوقت الذي أرهفت فيه مشاعر المسلمين وقعت حادثة هزت عواطفهم هزة عنيفة، مع أنها لو وقعت في غير وقت الحساسية لمرت عادية ولم تترك أثراً، والحوادث العادية إن وقعت في زمن الحساسية فغالبا ما تصنع المعجزات!
وقعت الحادثة في الحرم الآمن وفي الشهر الحرام وفي أيام الحج بالذات وراح ضحيتها شاب مسلم قصد إلى الحج وقطع أكثر مراحل سفره سائراً على قدميه حتى وصل البيت الحرام وهناك أصابه مرض، فغلبه القيء فتلقاه في حجره حرصا على طهارة البيت، ولكن حظه السيء خيل لبعض الطائفين أنه يحمل ما يحمل يريد به تلويث البيت فصاح بذلك في الناس، وليس من عادة الجماهير أن