/صفحة 354/
تتثبت إذا هيجها مهيج، فشهدوا عليه بما كان منه بريئا وقتلوه مظلوما وهو في رحاب الحرم الآمن!
وإنما كان مبعث ذلك سوء ظن طائفة بطائفة، وكان يمكن أن تؤدى هذه الحادثة إلى أسوأ النتائج وأن تثير الأحقاد. وأن تهيج العصبيات القديمة وأن تقطع الصلات بين فريقى المسلمين ولكن هذه الحادثة أثرت في كثير من المفكرين تأثيراً كان له عاقبة محمودة، ووضعت الإصبع على موضع الداء فكأنما أراد الله أن تكون موجهة للمصلحين إلى الاهتمام بهذا الداء الوبيل داء التفرق الطائفى بالذات.
ولا عجب أن تكون هذه الواقعة مع ما اكتنفها من خطورة مفزع حافزا على التفكير وعلى العمل فكثيراً ما يأتى الشر بالخير لقد بدءوا بسؤال أنفسهم: كيف تعيش أمة موزع على نفسها في دنيا الأقويا؟ كيف يمكن أن تقدّم المبادىء الإسلامية إلى العالم والإسلام في حرب بين أبنائه داخل بلادهم؟ وكيف يتمكن الذي تسوء حالته الداخليد من إصلاح مركزه الخارجى؟
هكذا بدأنا التفكير في التقريب، ثم سلخنا بعد ذلك شهوراً نبحث في سبل العلاج فدرسنا الدعوات التي سبقتنا وأفدنا منها كثيراً. ودرسنا المشاكل الطائفية برمتها، والكتب المعتمدة عند كل فريق لنحدد الطوائف التي تتفق في الأصول الإسلامية. ودرسنا الخلافات الفرعية الفقهية ومبلغ ما وصلنا إليه. ثم حددنا أنجح طريقة للوصول بفكرتنا إلى الأعماق.
وقد أدى بنا التفكير إلى أن هذه الدعوة يجب أن تقوم بها جماعة بدل أن يقوم بها فرد يتعرض لكثير من الأخطار، وأن تكون الدعوة إلى التقريب بين أرباب المذاهب لا إلى جمع المسلمين على مذهب واحد، فيبقى الشيعى شيعيا والسنى سنياً، وأن يسود بين الجميع مبدأ احترام الرأى الذي يؤيده الدليل وأن تكون الحجكاعة ممثلة للمذاهب الأربعة المعروفة عند أهل السنة، ومذهبى الشيعة الإمامية والزيدية. وأ يمثل كل مذهب علماء من ذوى الرأى والمكانة فيه وأن تكون الجماعة بمعزل عن السياسة. وأن تكون محددة الأهداف وأن