/صفحة 351/
سواء أصحت هذه القصة أم كانت من صنع الخيال، فانها تعبر عن واقع المسلمين الذين لا يصدقون عشرات الملايين من المصاحف الموجودة أمامهم، ويحكمون عليها بما قاله مؤلف انقضى على عصره قرون، أتراهم ألفوا تقديس كل ما هو قديم ولو كذبه الواقع الملموس؟!
فاذا أضفنا إلى ذلك تحكم عنصر الوراثة، وحرص الأبناء على الأخذ بما وجدوا عليه أباءهم أو سمعوه منهم; تبين بوضوح أن محاولة التقريب كانت تبدوا مستحيلة التحقيق.
أجل! ولقد ظلت الفرفة بين المسلمين غذاء مناسبا للحكم والحكام قرونا عدة، دأب فيها كل حاكم على استغلاها لتثبيت سلطانه، ولتحطيم عده ثم جاءت السياسات الأجنبية فوجدت في هذه القرقة خير وسيلة لتدخلها، وبثّ نقوذها ودعم سلطانها وفرض سيادتها.
والسياسات الأجنبية هي التي أوحت إلى كثير من أعدائنا الذين يتستر بعضهم وراء اسم "المستشرقين" بالعمل ليكملوا إحكام الحلقة حولنا ببحوثهم التي تقوم على دس السموم، وانخدع بهم بسطاؤنا فكان بعضهم يحكم على بعض بما كتبه هذا المستشرق أو ذاك!
وهكذا صدقنا هؤلاء المستشرقين، كما كنا نصدق المؤرخين الدساسين وكتبة الأوهام وواضعى الأحاديث. وسيطرت علينا حاذبية الجديد البراق، كما سيطرت علينا هيبة القيد المألوف، فحرمنا أنفسنا حق التفكير فيما ذكره هؤلاء وهؤلاء وأنكرنا على أنفسنا أن يكون لنا تفكير مستقل ندرس به أنفسنا من واقعنا!
وبجانب هذا وقفت السياسات الأجنبية المسيطرة علينا وقفت بالمرصاد في وجه كل فكرة إصلاحية ترمى إلى توحيد كلمة المسلمين.
لقد تقرر "توقيفية" أسماء الله تعالى، فليس لأحد أن يبتكر من عند نفسه اسما لله
لم يرد عن الله. وتقرر "توقيفية" العبادات، فليس لأحد أن يبتدع عبادة لم تشرع.