/صفحة 344/
وكان لهم بعد أن أمدهم الله بروح من عنده وأمكنهم من عدوهم القوى بالقتل والأسر والغنيمة. شأن:
ففى الأسرى: أيقتلونهم أم يطلقون سراحهم بالفداء؟
وفي الغنائم التي حصلوا عليها: أيختص بها الشبان المحاربون أم يشاركهم فيها الحراس وأصحاب الرأى؟
كانت هذه الشئون هي الجو الذي نزلت فيه سورة الأنفال فعنيت ببيان الحلول فيها، وقد بدأت بمسألة الأنفال ليكون مطلع الحديث تسجيلا لنعمة النصر التي ساقت إليهم تلك الأنفال وإيحاء إلى أن حصولهم على تلك الأنفال كان يجب أن يكون من بواعث الطاعة لا من بواعث المخالفة، وبواعث الائتلاف لا من بواعث الاختلاف، وهكذا بأت السورة بحل مشكلة الأنفال "يسألونك عن الأنفال" والأنفال في هذا المقام هي الغنائم التي حصلوا عليها من غزوة بدر. وق أرشدتهم السورة إلى أن الشأن في توزيعها لا يرجع إلى آرائهم وإنما هو لله ورسوله، "قل الأنفال لله والرسول" فيها يحكمان، ولها يوزعان، وقد جاء الحكم بعد في قوله تعالى من السورة نفسها: "واعلموا أن ما غننتم من شيء فأن لله خمسة وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل" ثم انتهزت السورة هذه المناسبة وأرشدتهم إلى ما يجب أن يتحلوا به حتى يحصلوا على الظفر الدائم والنصر المستمر، وهو القوة المعنوية التي بينت عناصرها بقوله "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما زرقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا، لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم". ثم تعود السورة بعد هذا إلى موقفهم الأول حينما أمروا بالخروج، وتذكر أن الذين كرهوه وتلكئوا فيه، وأخذوا يتعللون مرة بالأموال، وأخرى بعدم الاستعداد. قد انحرفوا عما يوجبه الإيمان عليهم من الطاعة والامتنال، وعما يجب على المؤمنين